اخبار السودان

الخرطوم تُصارع لإعادة تشغيل الصرف الصحي.. منظومة مهترئة وتحديات متراكمة!

الخرطوم – الراي السوداني – في وقت يشهد عودة تدريجية للمواطنين والمؤسسات إلى ولاية الخرطوم، تواجه السلطات تحديًا معقدًا في إعادة تشغيل منظومة الصرف الصحي التي تضررت بشكل بالغ جراء الحرب الأخيرة. فرغم أهمية هذه الخدمة كعنصر أساسي للصحة العامة والتنمية المستدامة، لا تزال شبكات الصرف الصحي تغطي أقل من 5% من المساحة الحضرية للولاية، وسط بنية تحتية عتيقة تعود إلى خمسينيات القرن الماضي.

المهندس وائل فتح الرحمن، مدير هيئة الصرف الصحي بالخرطوم، أكد وضع جدول زمني طارئ لإعادة تشغيل محطات الصرف بالتزامن مع عودة المواطنين، مشيرًا إلى أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية من تدمير للمحطات والمولدات وخطوط النقل تمثل التحدي الأكبر أمام استئناف الخدمة.

وبحسب تقرير الهيئة، تعتمد منظومة الصرف الحالية على مجمعين رئيسيين للمعالجة، في ود دفيعة والأزهري (الكونكا)، إلا أن كليهما يعمل بطاقة تشغيلية جزئية لا تتناسب مع التوسع العمراني الهائل في الولاية، في حين أن مدينة أم درمان لا تزال محرومة بالكامل من خدمة الصرف الصحي حتى اليوم.

ورغم الجهود الولائية لتجاوز الأزمة، تعاني هيئة الصرف من ضعف التمويل، إذ تعتمد في مواردها على المنح والمساهمات المجتمعية ورسوم الاستخدام، في ظل غياب دعم كافٍ من الحكومة المركزية نتيجة الحصار الاقتصادي وتوقف المبادرات الدولية. وأكد والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة خلال اجتماعه بالهيئة استعداد الولاية لتقديم كافة أشكال الدعم لإعادة تأهيل المحطات عبر شراكات مع القطاع الخاص، خاصة مع تزايد أعداد العائدين للمساكن والمؤسسات.

ووفقًا للدراسات الفنية، تُعد خدمة الصرف عبر الشبكة العامة الخيار الأكثر جدوى مقارنة بالأنظمة البديلة مثل الآبار السايفونية أو المحطات الموضعية، حيث تبلغ تكلفة التصريف عبر الشبكة حوالي 250 دولارًا للشقة الواحدة مقابل 4000 إلى 6000 دولار للبدائل الأخرى. كما تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن كل دولار يُستثمر في مشاريع الصرف الصحي يعود بعائد اقتصادي يصل إلى 5.5 دولار.

لكن تحديات التمويل ليست العائق الوحيد؛ إذ تتشابك تقاطعات القوانين بين المستويات الحكومية المختلفة، إضافة إلى أزمة نقص الكوادر الفنية المؤهلة لإدارة وتشغيل المنظومة، مما يستدعي خطة طوارئ تتضمن إصلاح التشريعات، وتوفير المعدات الحيوية مثل المضخات الاحتياطية، التي قد يؤدي تعطلها إلى شلل كامل في قطاعات بأكملها من الشبكة.

وفي ظل هذه الأوضاع، تظل عملية إعادة تشغيل محطات الصرف مرهونة بسرعة استكمال الترتيبات اللوجستية والفنية، وتوفير احتياجات السوق المحلي، فيما تعمل الهيئة على تسريع عمليات النظافة والصيانة في مناطق الخرطوم شمال ووسط كخطوة أولى نحو إعادة تأهيل منظومة تعاني من الإهمال والتخريب منذ عقود.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

الوليد محمد

الوليد محمد – صحفي يهتم بالشؤون المحلية والإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى