اخبار السودان

شاهد .. كوبرا على ضفاف القاش.. حين يخرج الخطر من جوف الطبيعة

كسلا ـ الراي السوداني
في مشهدٍ نادر ومربك، تملّك الفزع نفوس سكان مدينة كسلا بشرق السودان، بعد أن تناقلت الألسن والهواتف مقطعًا مصوّرًا يوثّق ظهور ثعبان كوبرا ضخم الخميس على ضفة نهر القاش، ذلك الشريان الرملي الذي طالما تغنّى به أهل الشرق وارتبط في وجدانهم بالحياة والمطر والخير.

لكن هذا الظهور لم يكن عادياً، ولم يُقرأ بوصفه مجرد واقعة بيئية، بل انزلق إلى تخوم الرمز والأسطورة، وأثار تساؤلات تتجاوز حدود الخوف من لدغة قاتلة.

 

من مشهد غريب إلى رُعب جماعي
“رأيناه يتمايل في الضوء مثل سيفٍ مسموم”، هكذا يصف ياسين عمر، أحد شهود العيان، اللحظة التي لمح فيها الثعبان الزاحف خارجاً من حشائش القاش . “لم أصدق عيني، فالكوبرا ليست مما اعتدنا رؤيته في هذه الضفاف “.

ما إن انتشر الخبر حتى دبّ الهلع بين المواطنين، وراجت روايات متضاربة عن طوله وحركته وحتى “مقاصده”، كأنما تحوّل الكائن الزاحف إلى نذيرٍ أو رسالة.

 

التغيرات المناخية
علمياً، يقول مختصون في الأحياء البرية إنّ التغيرات المناخية، والتعدي المتزايد على المساحات الزراعية والمراعي، إلى جانب تقلّص موائل الحياة البرية في منطقة القاش، قد تكون من العوامل التي دفعت بهذا الزائر السام إلى الاقتراب من المجال السكاني.

خللٍ بيئي عميق
ويشير خبراء بيئة أن “الظهور المفاجئ لهذا النوع من الأفاعي يعبّر عن خللٍ بيئي عميق. إنها صرخة الطبيعة التي لم نعد نحسن الإنصات لها”.

وللكوبرا مكانة متجذرة في المخيال الشعبي السوداني، فهي رمز مزدوج بين القوة والغموض، وبين التحذير والعقاب. وفي بعض الثقافات المحلية، قد يُنظر إلى ظهورها في محيط عام أو سكني على أنه “إشارة” أو نذير لأمر جلل.

ولذلك، لم يكن مستغرباً أن تختلط الواقعة بالهمس الشعبي، وتتناسل منها الحكايات والتأويلات. فالبعض رآها “رسالة من الطبيعة”، وآخرون عدّوها دليلاً على اضطراب المواسم، أو حتى غضب الجبال.

سواءً كانت الكوبرا مجرد ضيف بري تاه من موطنه أو نذيراً رمزياً كما يرى البعض، فإنّ الحادثة تسلط الضوء على هشاشة التوازن البيئي، والحاجة الملحة إلى تعزيز وعي السكان بمخاطر الحياة البرية والتعايش الآمن معها.

كما تبرز أهمية دعم الجهات المختصة في رصد الظواهر غير المعتادة، والتعامل معها بعلم لا بهلع، وبتدبير لا تهويل.

حادثة الكوبرا على ضفاف القاش لم تكن مجرد مرور عابر لكائن زاحف، بل كانت لحظة اصطدام بين الطبيعة والإنسان، بين الرمز والواقع، وبين الخوف والتساؤل.

في وطنٍ تنوء أرضه بالحرب والنزوح والجفاف، قد يتحوّل حتى زحف ثعبان إلى مرآة قلقة تعكس اضطراباً أوسع في العلاقة بين الإنسان ومحيطه.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

الوليد محمد

الوليد محمد – صحفي يهتم بالشؤون المحلية والإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى