متابعات – الراي السوداني
في تطور يثير الجدل ويطرح أسئلة عميقة حول مستقبل التعليم في السودان، أعلنت الإدارات المدنية في ولايات دارفور وكردفان عن دراستها الجادة لتنظيم امتحانات الشهادة السودانية في المناطق الواقعة خارج سيطرة الحكومة المركزية، في محاولة لرفع ما وصفوه بـ”الإقصاء الأكاديمي المتعمد” الذي تعرض له آلاف الطلاب منذ اندلاع الحرب.
ويأتي هذا التوجه بعد أن اقتصرت امتحانات الشهادة في دوراتها الأخيرة على مناطق خاضعة للجيش، مما أثار انتقادات واسعة، واعتبره مراقبون استقطابًا جغرافيًا يمهّد لانقسام مؤسسي في السودان، حتى داخل المنظومة التعليمية.
وقال تجاني الطاهر كرشوم، رئيس الإدارة المدنية في إحدى ولايات دارفور، إنهم بدأوا بالفعل في وضع خطط أولية لتنظيم الامتحانات داخل مناطقهم، مضيفًا أن استمرار حرمان الطلاب من حقهم في التعليم هو “ظلم ممنهج يجب أن يتوقف”.
وفي خطوة عملية، شهدت مدينة الجنينة انطلاق امتحانات الشهادة الابتدائية بمشاركة أكثر من 1,700 تلميذ وتلميذة، من ضمنهم أبناء نازحين ولاجئين، في مؤشر واضح على ما وصفه كرشوم بـ”القدرة على إدارة العملية التعليمية باحترافية رغم الحرب”.
من جانبه، أكد أبوبكر ناصر، مدير عام وزارة التربية والتوجيه بغرب دارفور، استعدادهم الكامل لإجراء امتحانات المرحلة المتوسطة في 19 يوليو المقبل، مشيرًا إلى أن الامتحانات الابتدائية تُعقد حاليًا في مراكز متعددة بالمحليات المختلفة.
وبحسب تقارير ميدانية، تقع معظم مناطق دارفور الكبرى وغرب كردفان تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ أبريل 2023، مما تسبب في انقطاع التعليم الرسمي عن آلاف التلاميذ لثلاثة أعوام متتالية، ما دفع الإدارات المدنية لاتخاذ إجراءات “استثنائية”.
ويرى محللون أن هذه التحركات تمثل محاولة لإعادة دمج المجتمعات المهمشة في النظام التعليمي، في مقابل واقع إداري منقسم تتحرك فيه الدولة من عاصمتها المؤقتة بورتسودان، مما يعمّق الاستقطاب الجغرافي والسياسي في البلاد.
ويطالب ناشطون تربويون وحقوقيون بضرورة معالجة الخلل العميق في توزيع الفرص التعليمية، وضمان إجراء امتحانات قومية عادلة تشمل جميع الطلاب دون تمييز مناطقي أو سياسي، باعتبار أن “التعليم حق دستوري لا يخضع للمساومة”.