متابعات – الراي السوداني – شهدت مدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، استمرت على مدى يومي 18 و19 يونيو 2025، واُستخدمت خلالها الطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة، في واحدة من أعنف المواجهات التي عرفتها المنطقة منذ أسابيع.
الفرقة 22 مشاة المتمركزة في بابنوسة أعلنت أنها كبّدت قوات الدعم السريع خسائر فادحة في شرق المدينة، مؤكدة في بيان رسمي تدمير نحو 14 عربة قتالية بواسطة طائرات مسيّرة حديثة. وقد تزامنت هذه الضربة مع انسحاب قوات الدعم السريع من محيط المدينة، بعد أن كانت قد أعادت انتشارها في المنطقة منذ مايو الماضي ضمن مساعٍ لتوسيع سيطرتها في إقليم كردفان عقب تقدمها السابق في النهود والدبيبات والخوي والحمادي.
وأفادت مصادر ميدانية أن قوات الدعم السريع اضطرت لإجلاء العشرات من جرحاها إلى مستشفيات الفولة وغبيش والمجلد، ما يعكس حجم الخسائر البشرية التي تكبدتها جراء الضربات الجوية الدقيقة التي نفذها الجيش. ووفقًا لتصريحات عسكرية أدلى بها مصدر تحدث إلى “الترا سودان”، فإن الجيش يسيطر بالكامل على المدينة، مشيرًا إلى أن الدعم السريع فشل على مدار عام كامل في اقتحام بابنوسة، التي وصفها بأنها “عصية على السقوط”.
منذ اندلاع النزاع، تحولت بابنوسة إلى مدينة شبه خالية من السكان، بعد أن دفعت الأوضاع العسكرية والأمنية أغلب سكانها إلى النزوح نحو قرى ومدن مجاورة، حيث يواجهون ظروفًا إنسانية بالغة الصعوبة في مناطق اللجوء المؤقت. وقد كانت المدينة تُعرف سابقًا بدورها الحيوي كمركز للسكك الحديدية في الإقليم، إذ كانت تربط وسط السودان بجنوبه، كما احتضنت واحدًا من أقدم المصانع الحكومية لإنتاج الألبان، والذي توقف عن العمل بسبب التدهور الأمني والسياسي.
يرى مراقبون أن المعركة الأخيرة تمثل تحولًا نوعيًا في تكتيكات الحرب، إذ لعبت الطائرات المسيّرة دورًا محوريًا في ترجيح كفة الجيش، وهو ما يعكس تصاعدًا في مستوى التعقيد والتكنولوجيا المستخدمة في الصراع. ويعتمد الجيش، وفق المصدر العسكري، على معلومات استخباراتية دقيقة في توجيه ضرباته، مما مكنه من إرباك الدعم السريع وإلحاق خسائر متكررة به في الأفراد والعتاد على امتداد مناطق عدة.
تتمتع بابنوسة بأهمية استراتيجية بارزة، نظرًا لموقعها كنقطة وصل لوجستية بين وسط وغرب السودان، كما تشكل مركزًا محوريًا لعمليات النقل والإمداد العسكري، وهو ما يفسر محاولات الدعم السريع المستمرة للسيطرة عليها، رغم فشل كل محاولاته السابقة.
الخسائر التي لحقت بقوات الدعم السريع في هذه المواجهة ليست سوى امتداد لضربات نوعية متتالية نفذها الجيش خلال الأيام الماضية، كما أشار المصدر العسكري إلى أن مزيدًا من العمليات يجري التحضير لها في محاور مختلفة من غرب السودان. وأكد أن وحدات الرصد والاستطلاع تتابع تحركات الدعم السريع بدقة، وأن الجيش عازم على منع أي محاولة جديدة للتمدد داخل المدن الاستراتيجية، خاصة في ظل ما حققته القوات الجوية مؤخرًا من نجاحات في التصدي للتوغلات.
في المقابل، تزداد معاناة السكان المدنيين الذين فرّوا من المدينة، إذ يعيش عشرات الآلاف من النازحين أوضاعًا إنسانية متدهورة، مع انعدام الخدمات الأساسية ونقص حاد في الغذاء والدواء ومياه الشرب. ورغم المطالبات المتكررة بتوفير مساعدات عاجلة، لا تزال الأوضاع الأمنية تحول دون وصول الإغاثة إلى كثير من المناطق التي لجأ إليها الفارّون من القتال.