النيابة العامة بـ السودان تتحوّل إلى جهة جباية ! ووزير العدل الأسبق يوضح
متابعات - الراي السوداني

متابعات – الراي السوداني – صرّح وزير العدل الأسبق، مولانا محمد أحمد سالم، بأن فرض رسوم من قبل النيابة العامة على فتح البلاغات الجنائية يُشكّل مخالفة صريحة لنصوص الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة 2019 (أو ما يعادلها في أي مرحلة انتقالية لاحقة). وأوضح أن هذا الإجراء يتعارض مع عدد من المبادئ الدستورية الجوهرية، وعلى رأسها: الحق في الوصول إلى العدالة (المادة 48)، مبدأ المساواة أمام القانون (المادة 53)، والحق في التقاضي (المادة 56).
وأشار سالم، في مقال تناول فيه مسألة فرض الرسوم على تحريك الدعاوى الجنائية والإجراءات ذات الصلة، إلى أن قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991 وتعديلاته يخلو من أي نص يجيز تحميل المجني عليه أو مقدم البلاغ رسوماً مالية لقاء تحريك الدعوى الجنائية. بل إن فلسفة القانون تقوم على أن النيابة العامة تحرك الدعوى باسم المجتمع ومن منطلق حماية الحق العام، وبالتالي لا يُفترض أن يتحمّل مقدم البلاغ أية أعباء مالية، لكونه لا يمثل طرفاً خاصاً في النزاع، بل يؤدي دوراً عاماً في سبيل إحقاق العدالة.
وأضاف أن أي منشور إداري أو لائحة تنظيمية تصدرها النيابة العامة وتفرض من خلالها رسوماً على فتح البلاغات الجنائية تُعد باطلة بقدر ما تخالف أحكام الدستور والقانون، ولا يجوز التذرّع بأهداف إصلاح مالي أو إداري لتبرير تحميل المواطنين تكلفة ممارسة حقوقهم القانونية والدستورية.
ونوّه إلى أن هذا الإجراء يؤدي إلى انحياز النيابة العامة إلى فئة القادرين مالياً، ويقوّض مبدأ الحياد والاستقلال الذي يُفترض أن تلتزم به النيابة في تحريك الدعاوى ومتابعتها، الأمر الذي يُضعف ثقة المواطنين في نظام العدالة، ويحوّل النيابة إلى جهة جباية بدلاً من كونها ضامنة للحقوق والحريات.
وشدد مولانا سالم على أن مبادئ العدالة الجنائية تضع على عاتق الدولة مسؤولية كاملة في حماية الضحايا وضمان وصولهم للعدالة دون أي عوائق مالية أو إجرائية، لاسيما في الجرائم الجسيمة مثل القتل، الاغتصاب، والنهب، مؤكداً أن تحميل المواطنين تكاليف المطالبة بحقوقهم لا يستقيم مع مقتضيات العدالة، ولا يجوز تحت أي ظرف استخدامه كوسيلة لمعالجة الأوضاع المالية للمؤسسات العدلية.