هل تسقط تعبئة الدعم السريع قبل أن تبدأ؟
تعبئة شاملة أعلنتها الدعم السريع في دارفور وسط تراجع ميداني وتوتر مجتمعي
متابعات – الراي السوداني
في تطور مفاجئ يكشف حجم الارتباك، أعلنت الدعم السريع تعبئة عامة شاملة في مناطق سيطرتها بولايتي جنوب وشرق دارفور، مستنفرة كل فئات المجتمع بما فيهم الطلاب والتجار ورجال الدين. خطوة تُعد الأولى من نوعها بهذه الشمولية، وتؤشر على تراجع حاد في القدرات البشرية وتزايد الضغوط الميدانية مع تقدم قوات الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح في عدة محاور.
وبينما تحاول قيادة الدعم السريع ترميم صفوفها بعد خسائرها الثقيلة في الخرطوم وأم درمان، يرى مراقبون أن هذا الاستنفار لن يغير موازين القوة، بل قد يعمق الانقسامات الاجتماعية في مناطق سيطرتها، ويزيد الاحتقان بين المواطنين الذين يجدون أنفسهم بين خيارين قاسيين: القتال أو دفع الفدية.
وفي مدينة الضعين، أدانت شبكة أطباء السودان اعتقال 178 شخصاً بينهم كوادر طبية من قبل الدعم السريع، حيث جرى تخييرهم بين الانضمام القسري إلى القتال أو دفع مبالغ مالية، في مشهد يعكس تصاعد الانتهاكات بحق المدنيين.
محللون: التعبئة تكشف ضعفاً لا قوة
يرى محللون أن هذا التحرك ليس إلا رد فعل استباقي لتطورات ميدانية تهدد مواقع الدعم السريع، خاصة مع التقدم الواضح للجيش في كردفان ودارفور. واعتبر يعقوب الدموكي، المستشار السابق لقائد الدعم السريع، أن القوات فقدت قدراتها القتالية بالكامل، وأن التعبئة الحالية “ليست سوى محاولة يائسة لسد النقص الفادح في المقاتلين”.
من جهته، أكد المتحدث باسم القوة المشتركة العقيد أحمد حسين مصطفى أن هذه التعبئة ما هي إلا استمرار لمشروع آل دقلو المدعوم خارجياً، مطالباً بمواجهة هذا المشروع الذي “نهب الثروات وأشعل الفتن”.
تداعيات مجتمعية خطيرة
التعبئة القسرية لا تؤثر عسكريًا فحسب، بل تضرب عمق النسيج الاجتماعي. فبحسب الباحث في علم الاجتماع د. آدم حسن، فإن إجبار الأسر على تقديم أبنائها يدفع النساء إلى مواجهة تحديات معيشية قاسية، وسط نقص في الخدمات وانعدام الأمن الاقتصادي.
وتتزايد المخاوف من انهيار شامل في مناطق الدعم السريع، حيث بدأت تظهر انقسامات داخل القبائل نفسها، ورفض صريح من قيادات أهلية لدعوات الحرب، كما في حادثة اعتقال عدد من العُمد والنظار في جنوب دارفور.
فهل ستكون هذه التعبئة بداية انتفاضة داخلية؟ أم محاولة أخيرة لتثبيت ما تبقى من مشروع يترنح؟ الأيام القادمة وحدها ستحمل الإجابة.