إقتصاداخبار السودان

أموال تتبخر في نقرة… الاحتيال الإلكتروني يطارد السودانيين وبنك الخرطوم يتورط

متابعات - الراي السوداني

تابعنا على واتساب

متابعات – الراي السوداني  –  وسط تزايد جرائم الاحتيال الإلكتروني، يعاني السودانيون من قلق متصاعد إزاء الثغرات في النظام المصرفي، وهو ما لم يكن في حسبان زهور سليمان، صاحبة متجر للمستلزمات الطبية بمدينة بورتسودان، حين اعتمدت على التطبيقات المصرفية الإلكترونية مثل تطبيق بنكك الذي يتبع لـ بنك الخرطوم لتسهيل تعاملاتها المالية. فبعد أن تلقت إشعار تحويل إلكتروني بدا سليماً من أحد الزبائن المعروفين لديها، سلمته البضاعة، لكنه سرعان ما اختفى، تاركاً وراءه خسارة مالية فادحة.

 

زهور لم تكن الوحيدة، إذ باتت هذه الحوادث تتكرر بصورة مقلقة، مع تصاعد وتيرة الاحتيال المصرفي الذي يستغل تزايد الاعتماد على التطبيقات البنكية في ظل ضعف الحماية الرقمية وغياب ثقافة أمن المعلومات لدى عدد كبير من المستخدمين.

 

 

وتشير تقارير أمنية ومصرفية إلى ارتفاع ملحوظ في عدد البلاغات المرتبطة بعمليات الاحتيال، لا سيما تلك التي تتم عبر تطبيقات التحويل المالي، وسط تأكيد من خبراء بأن هذه الظاهرة تنبع من خلل واضح في حماية هذه التطبيقات، إضافة إلى استغلال المجرمين للثغرات القانونية وانعدام الوعي الكافي بين المستخدمين.

 

الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي يرى أن ما يحدث هو نتيجة لعجز مزدوج، يتجلى في ضعف البنية الرقمية للبنوك من جهة، وقلة وعي العملاء من جهة أخرى، ما يجعل الكثير منهم غير قادرين على حماية بياناتهم أو التحقق من مصداقية المعاملات المصرفية التي يتلقونها. ومع استمرار هذا الضعف، تحولت منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما “فيسبوك”، إلى بيئة خصبة لعمليات الاحتيال، حيث تُستخدم رسائل وهمية، وقصص إنسانية ملفقة، وعروض تجارية مزيفة، بالإضافة إلى حملات تسول إلكترونية عبر حسابات وهمية، لاستدراج الضحايا.

 

 

وبحسب مصدر في النيابة العامة السودانية، فإن بلاغات الاحتيال المالي المرتكبة باستخدام التطبيقات المصرفية باتت تشكل مصدر قلق متزايد، حيث تطورت أساليب الجناة بشكل كبير، مستفيدين من الثغرات التقنية وسطحية الوعي المجتمعي.

 

 

وأوضح المصدر أن من أبرز الحيل المتكررة، قيام المحتالين بإنشاء حسابات مصرفية رقمية باستخدام بيانات عملاء يرغبون في الحصول على خدمات مصرفية، ثم يحتفظون بسرية تامة بكلمات المرور ومعلومات الأمان، ما يمنحهم لاحقاً إمكانية التحكم الكامل في الحساب حتى بعد تغيير البيانات.

 

كما تشمل الأساليب الاحتيالية الأخرى إرسال إشعارات تحويل مزيفة توهم الضحية بتلقي أموال، أو الادعاء بوقوع خطأ في التحويل والمطالبة بإرجاع المبلغ، وهي حيل باتت شائعة وتُنفذ بأساليب متقنة. وتؤكد النيابة أن هذه البلاغات باتت مصدر قلق متصاعد في ظل تزايدها اللافت، ما يتطلب تعزيز الحماية الرقمية وتكثيف حملات التوعية للحد من هذه الجرائم.

 

 

وشهدت إحدى الحوادث خلال مارس الماضي في الولاية الشمالية محاولة احتيال فشلت بفضل يقظة أحد التجار الذي راجع حسابه المصرفي وكاميرات المراقبة، ليكتشف أن إشعار التحويل الذي استلمه مزيف، مما ساعد الشرطة على كشف شبكة احتيال منظمة.

 

 

في خضم هذه التطورات، تعرض بنك الخرطوم، أحد أبرز البنوك السودانية، لأزمة ثقة بعد سحب مفاجئ وغير مبرر لمبالغ من حسابات عدد من العملاء، ما أثار حالة من الجدل والقلق. ورغم أن البنك أعاد المبالغ لاحقاً، إلا أن غياب الشفافية في توضيح تفاصيل الحادثة عمّق الشكوك حول وجود اختراقات أو أعطال تقنية جسيمة.

 

 

في سياق متصل، أطلقت النيابة العامة تحذيراً بشأن ظاهرة جديدة تتعلق بتحويل الأموال من التطبيقات البنكية إلى سيولة نقدية مقابل خصم نسبة من القيمة الأصلية، وهي ممارسة اعتبرتها مخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية ولقانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لعام 1989، حيث أبلغ مواطنون أن الخصومات وصلت في بعض الحالات إلى 40%.

 

 

ويرى مراقبون أن ظاهرة الاحتيال المصرفي في السودان تجاوزت كونها سلوكاً فردياً عابراً لتصبح مؤشراً خطيراً على تراجع الثقة بين العملاء والنظام المالي، محذرين من أن التحول الرقمي، دون ضمانات أمنية كافية، قد يتحول من فرصة إلى تهديد. ودعوا المؤسسات المصرفية إلى مراجعة بنيتها التحتية، وإطلاق حملات توعية متواصلة، بالتزامن مع إصلاحات تشريعية حقيقية تطال قوانين مكافحة الجرائم الإلكترونية، خصوصاً في ظل هشاشة الاقتصاد وضعف الرقابة الرقمية، الأمر الذي يضع مستقبل الثقة في المعاملات المصرفية الرقمية على المحك.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى