والدة القتيل (بهاءالدين : حرق أبني بماء مغلي بالسكر والزيت داخل السجن
امتلأ ظهر ابني بالدود وهو في المستشفى
هذا (…) ما قاله لي قبل لحظات من وفاته
يتم الترويج للمخدرات بأنواعها داخل االسجن
هذه رسالتي (…) لمدير سجن الهدى
🖋 حوار/ محاسن أحمد عبد الله
أصابتها حالة من الهلع وكاد قلبها ان يتوقف من الخفقان عندما وقع علي مسامعها خبر حرق أبنها بالماء المغلي داخل زنزانته بالسجن علي يد سجين آخر
محمود بالاعدام ، باحساس الام لم تستوعب الامر وكاد أن يغمي عليها لولا أنها تمالكت نفسها وسارعت ناحية المستشفي التي نقل اليها لرؤية أبنها وماحدث له ، وجدته ممدا علي فراش المستشفي بلا حراك وجسده مشوها بالحريق من منطقة الرأس حتي الساقين ، أجهشت بالبكاء لهول المنظر في الوقت الذي كان فيه أبنها يخفف عليها بصوت خافت ومتعب (ماتبكي يا أمي أنا كويس) ،مضت أيام وهو يعاني من ألم الحريق حتي شاءت الأقدار أن يفارق الحياة متأثرا بجروحه الخطيرة.
القتيل بهاء الدين خليل صابون من مواليد أمدرمان يبلغ من العمر ٢١ سنة ، ترتيبه السادس بين أشقائه لم يكمل تعليمه نسبة للظروف المعيشية الخاصة بالأسرة ، كان يعمل في مجال الأعمال الحرة حتي يوم مقتله الذي كان قاصمة الظهر لاسرته وأهله.
تدثرت الحاجة (ضوة عباس) بثوب الحزن الذي أوجع قلبها وجلعها تذرف الدمع السخين بلا انقطاع ، ألما ووجعا علي فراق أبنها الذي كان بمثابة ساعدها الايمن الذي كان يخفف عنها عبء المعيشة .
زرتها بمنزلها الذي مازال يتوافد عليه المعزين من كل مكان..وجدتها وهي تتوسط السرير وملامحها قد كساها الحزن وبجوارها عصا تتكئ عليها أثر إصابة تعرضت عليها بسقوطها أثناء هرولتها باحساس الأم داخل المستشفي لتوفير الدواء لأبنها.
جلست اليها فكان هذا الحوار الذي سردت فيه الاسباب التي جعلت أبنها يقبع بالسجن والحريق الذي تعرض له داخل السجن حتي اللحظات الاخيرة قبل وفاته والكثير…نتابع ما جاء في الحوار:
(١)
إبتدرت الحاجة ضوة عباس حديثها عن بداية المشكلة التي جعلت أبنها خلف قضبان السجن :(كانت المشكلة في نهار رمضان الماضي في سوق ليبيا بامدرمان حيث يعمل أبني كبائع للملابس كان وقتها صائم عندما طلب منه شخص سكران غير صائم أن يشرب من القهوة التي كان يحملها بين يديه فرفض أبني ليقوم السكران بسكبها في رأسه الامر الذي أشعل الغضب داخل أبني فأشتبك معه بالأيدي بعد ان قام بتفريغها علي راسه الا أنه جاءه مرة أخري من خلفه وهو يحمل السكين يريد أن يطعن بها أبني في تلك اللحظة نبهه الناس ولكنه كان قريبا منه فاخذ منه أبني السكين وطعنه فمات الشخص ليذهب أبني الي قسم الشرطة مباشرة وسلم نفسه ليتم وضعه في سجن الامام مالك ليرحل بعدها لسجن الهدي غرب أمدرمان قضي هناك عام كامل .
(٢)
كشفت والدته عن تفاصيل حرق أبنها داخل السجن :(تلقينا خبر الحريق وعندما ذهبنا للمستشفي ذكر لي أبني أن الشخص الذي قام بحرقه كان قد أخذ منه هاتفه ورفض أن يسأله حتي لأتحدث مشكلة ليكرر ذات الامر بأخذ تلفونه الجديد وعلم أنه هو من أخذه بعد ان أخبره عدد من النزلاء أن الملقب ب(أبو دقن) هو من سرقه وعندما واجهه كان رده بالنفي وهدده بالقتل بعد أن اشتكاه أبني للعسكري المسؤول ، وعند حلول المساء بعد أن نام النزلاء شاهده أحد النزلاء وهو يقوم بتسخين ماء في وعاء كبير (حله) علي السخان الكهربائي (هيتر) ووضع سكر وزيت فيها وعندما شاهده أحد النزلاء قال له (أنت عايز تعمل مديدة حلبة ولا شنو يا أبودقن؟) الا أنه لم يرد عليه وأنتظر بعد أن نام الاغلبية ليقوم بسكب الماء المغلي في جسد أبني الذي كان نائما وقتها من رأسه حتي ساقيه ، وقتها صرخ أبني وعندما أستيقظ النزلاء وجدوا ذات الشخص وفي يده الماعون فامسكوا به وظل يردد أنقذوا بها الدين وكان قد فقد الوعي وقتها ولم يستعيده الا في المستشفي بعد العملية الجراحية التي أجريت له وعندما فاق طلب الاتصال برقم شقيقته مريم فقد كان حافظا له وأخبرنا بما حدث له وأنه في المستشفي.
(٣)
واصلت حاجة ضوة وعيناها إمتلأت بالدموع : أصبت بحالة من الهلع الشديد وتوجهنا فورا ناحية المستشفي وجدته في صورة بشعة جدا لا أستطيع النظر اليه مرتين ، وكان ظهر أبني ملئ بالديدان بالديدان نسبة لاستلقاءه فترة طويلة علي ظهره باهمال وكان يقول لي : يا أمي في حاجات بتمشي في ضهري دي شنو؟ ) ولم يرتاح منها الا بعد نظافة ظهره وتجهيزه للعملية ،قضينا أربعة أيام في عناية سجن الهدي وتسعة أيام في مستشفي الشرطة ببري، تعرضت لإصابة في قدمي بالسقوط من أعلي السلم بسبب هرولتي لتوفير الأدوية المطلوبة لابني حتي يشفي حتي يحدث له أهمال وكنت أعرج بسبب الالم الذي أعاني منه في قدمي ولكنني لم أظهر له ذلك حتي لا يشعر بوجعي وألمي ، ظلننا أنا وأخواتي نقوم بتوفير الدواء له من مالنا الخاص الا أن د. فاطمة قالت لنا أي دواء تريدونه أنا سأوفره لكم
(٤)
كشفت والدته عن لحظات عصيبة عاشتها وأبنها يوم وفاته بصوت ملئ بالحزن والدموع تبلل وجهها : ( أبني كان وضعه الصحي صعب جدا كان لاياكل ولايشرب ،يوم وفاته كلبشه العسكري في قدميه وهو مدد علي فراش المرض لا يتحرك وابني يقول له (انا تعبان فك الكلباش أنا مابهرب أنا سلمت نفسي براي للشرطة ، أنت ماعندك إنسانية ؟) الا ان العسكري لم يهتم بحديثه بل كان قال له (السيل بيجيبك لي) قصده عندما يعود للسجن ، توسلت للعسكري بفك الكلباش لانه كان يأذيه في جروحه الا أنه رفض ، وقتها قال لي أبني (يا أمي تعالي مني قريب ولقنيني الشهادة ، أنا حأموت يا أمي بس أوعي تتبهدلي وراي) ، لحظتها شعرت بفارقه وقلبي يتقطع لقنته الشهادة ورددها خلفي ثلاث مرات ثم لفظ أنفاسه الاخيرة بعدها قام العسكري بفك الكلباش من أقدامه
في تلك الأثناء أجهشت حاجة ضوة بالبكاء وقالت ( يابتي العسكري فك الكلباش بعد طلوح روح ولدي)
(٥)
وجهت والدة القتيل بهاء الدين رسالة : ( رسالتي للعسكري الكلبش ولدي وهو بين الحياة والموت بقول ليه الرحمة نزولها زي المطر انت ما أخذت منها نصيب ؟ شوف ليك رحمة عشان الدنيا ماتضوقك المر.
واصلت (بصراحة تعامل السجن والقسم لابني كان قاسي في قاسي ، لو عندهم رحمة ماكان كلبشوا ولدي لحظة الموت)
(٦)
إختتمت الحاجة ضوة حديثها برسالة لمدير سجن الهدي: رسالتي لمدير السجن بقول ليه انتو ماشايفين شغلكم ،العساكر مستغلين المساجين بيقلعوا تلفوناتهم وقروشهم ، العساكر يدخلوا الممنوعات زي العرقي والمخدرات والحبوب بمقابل مال من السجين ،بقول لمدير السجن حقو مايسجن شخص ارتكب جناية أحسن أهل المجني ياخدوا حقهم برا لان السجن بيعلم الإجرام ، أنا أم بهاء الدين كان ولدي بياخد مني قروش عشان يدفعها لناس التفتيش في بوابة السجن عشان أقدر أدخل ليه مواد غذائية واحيان كتيرة كان برفض أجيب ليه مواد غذأئية قال لي العساكر يستفيدوا منها ، بسأل مدير السجن الحاجات البتستلموها من المساجين دي بتمشي وين؟ بتستلمها انت ولابتمشي النفايات؟ أخيرا أطلب من مدير السجن تحقيق عادل وشفاف في مقتل ولدي وبطلب من حقوق الإنسان زيارة السجون عشان يعرفوا الانتهاكات اللانسانية اللي بتحصل للمساجين داخل السجن اللي من المفترض يكون إصلاح وتهذيب.