الراى السودانى
في وقت تعج فيه الساحة السياسية السودانية بكثير من اللغط والصراعات التي تسببت في حالة من عدم وضوح الرؤية في الساحة في هذه الأجواء المحتقنة، قدَّم وفد من المجتمع المدني المصري برئاسة وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي، إلى الخرطوم لتعزيز العلاقات الشعبية بما تقتضيه المرحلة الراهنة في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات وطرح الوفد خلال جلسة مع الرموز السياسية والمجتمعية السودانية عدداً من الأفكار والرؤى التي من شأنها دفع العلاقات على الصعيد الشعبي والمجتمعي والنظر إلى المستقبل .
وقال رئيس وفد المجتمع المدني المصري، وزير الخارجية الأسبق محمد العرابي: إن هناك شكلاً جديداً للعلاقات الدولية يحتِّم على البلدين العمل بشكل مكثف في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن المجتمع المدني له دور كبير في هذا الصدد، داعياً إلى الانخراط في برامج مختلفة لتوسيع العلاقات الشعبية في الفترة المقبلة .
توسيع العلاقات
اللافت أن الوفد المصري جاء يبحث عن توسيع العلاقات الشعبية وسط تل من المشكلات والتعقيدات السياسية التي تعصف بالسودان ما يجعل السؤال مشروعاً عن ماذا تبحث مصر في السودان دون التطرُّق مباشرة للإسهام في حل مشكلاته، كما فعلت إثيوبيا عندما هبط رئيس وزرائها أبي أحمد، مطار الخرطوم إبان الأزمة التي تفجَّرت عقب الثورة وانتهت وساطة إثيوبيا بتوقيع الوثيقة الدستورية, أم هل تريد مصر الدخول للأزمة السودانية عبر البوابة غير الرسمية؟
الاهتمام بالاستقرار
قال الخبير الدبلوماسي السفير الطريف كرمنو لـ(الصيحة ): واضح أن مصر متخوِّفة مما يجري في السودان من مشكلات وصراعات سياسية وهي مهتمة بالاستقرار في السودان والحفاظ عليه خالٍ من أي اضطرابات، لأن أيِّ انفلات في السودان يشكِّل خطراً وتهديداً على مصر أكثر من سد النهضة.
وأضاف السفير: واضح أن مصر شعرت أن الوضع في السودان أصبح صعب وماضٍ إلى مآلات قد تؤثر عليها مباشرة، فبالتالي لجأت مصر إلى الطريق الذي سلكته الولايات المتحدة عندما أرسلت وفداً من الدبلوماسيين وعدداً من الشخصيات غير الرسمية خارج الخدمة، أو قل المعاشيين، نفس الشيء جاءت به تركيبة الوفد المصري الذي جاء للسودان برئاسة وزير خارجية سابق محمد العرابي، ما يعني أنه وفد على مستوى عالٍ من الأهمية في إطار الدبلوماسية الشعبية التي رأت مصر أنها أفضل من الدبلوماسية الرسمية التي يصعب التحرُّك عبرها وسط القطاعات السياسية والمدنية، لكن عبر الدبلوماسية الشعبية يمكن التحرُّك بحرية والتحدث مع الأطراف كافة وبحرية أكبر بعيداً عن الرسميات، واستبعد كرمنو، أن تكون لهذه الزيارة وأهدافها أيِّ علاقة بقضية سد النهضة بقدر ما هي خاصة بجانب تلمُّس والتعرف على المشكلة السودانية عن قرب عبر لقاءات مع أكاديميين وساسيين وإعلاميين وزعماء عشائر وطرق صوفية حتى يتمكَّنوا من قراءة المشهد في المشكلة السودانية ومعرفة مواطن التعقيدات بعيداً عن الإطار الرسمي وهذا يؤكد أن مصر مهتمة باستقرار الوضع في السودان.
الوضع لا يتحمل
قال الدبلوماسي السفير جمال محمد إبراهيم، لـ(الصيحة): إن الوضع في السودان في ظل الأزمة الراهنة لايحتمل زيارات رسمية للتوسط، والملاحظ أن الدول تتردَّد في التحدث للقيادة في الدولة مباشرة وبالتالي تجد الدول كافة ترسل وفود ليست بمستوى أدنى، لأن الوضع في الداخل لا يحتمل أيِّ وساطة من الدول خاصة العربية تجد الرفض والآن مصر أرسلت هذاً الوفد الشعبي برئاسة وزير خارجيتها الأسبق، لكن لا يخلو من أن يكون مخابراتي لتلمُّس وجس النبط بمعلومات عبر الطريق الدبلوماسية غير الرسمية للتأكد من حقيقة هناك جدية لدى الأطراف السودانية للتوافق وحل المشكلة، لأن مصر تتخوَّف من أن أيِّ انفلات في السودان سيؤثر عليها، وأكد السفير أن الحلول للأزمة السودانية لن تأتي من الخارج ولن تكون مقبولة، ويرى أن الحل بيد السودانيين ولا يمكن أن يكون بأي حال من جهة غير سودانية، وهذا واضح من العثرات التي تواجهها المبادرة الأممية رغم أنها عملية تسهيل وليست مبادرة بالمعنى الحرفي .