مرافعات
أشرف خليل
——-
أيها الراحل في الليل وحيداً ضائعاً منفرداً..
نحن من قرعنا بابك وتبتلنا لأن تخرج إلينا أميراً متوجاً على البلاد..
وهتفنا لك (تحكم بس)..
تناسينا أن نُعمل تلك الحاسة والقراية والفراسة المتوارثة في معرفة المآل من قرائن الحال والبدايات..
وكأننا ما سمعنا:
(الخريف من رشتو
والعريس من بشتو)..
لم نكن في حالة تسمح بالتروي..
وما كنا بالمصدق فيك قولاً فأمهينا المشاعر وقطرنا الكبرياء لنحاول أن نصب في دماك غلالة تلك الإنتفاخة في صولة الأسد..
(وأنا بحبك يا مؤسس)..
حتى البرهان حاول معنا…
ولكنك لم تكن تستطيع..
من البداية لم تكن ميسراً لما صرت إليه..
(أنت فين ومنصب رئيس وزراء الفترة الإنتقالية فين؟!)..
في أوقات أخرى هادئة ومستقرة كان ممكناً..
أما الإنتقالية فتلك تعقيدات تحتاج لمواصفات أخرى وأنت أول العارفين أنها ليست لك…
أما الآن وقد تطوعت واستبنت أن (الشاطر بيعرف يوقف خسارته وين؟!)..
وطبت مستقيلاً فنلت شرفاً وشأواً عظيماً وتركتنا شجاعتك -المتأخرة – مباشرةً في مواجهة أزماتنا وترتيب الحياة..
لذلك كله وحتى نفرغ لما بعد أوراق ومعاملات الطلاق فـ(عفينا ليك السنتين)…
و(العفو والعافية)..
ولأن جريمة صعودك إلى هناك كانت جريمتنا الجماعية لن نقوى على الإجترار وتغليظ العتاب .. هي جريمة إرتكبناها معاً.. حشرناك في أقضيتنا مكتوفاً بلا سند..
فلا كريم يرتجى منه النوال
ولا مليح يعشق..
كل قوافل المدد كانت صنوفاً من الطبول والرايات والمكاء والتصدية، لا تكاد ترسم لوحة ولا تكسو عارياً ولا تطعم جائعاً ولا تنصف مظلوماً ولا تأمن مرتاعاً…
وحسناً كان خطابك وأنت تغادر…
كنت مشفقاً وواضحاً وحزيناً مع بصيص من الأمل إلى ذلك الضوء آخر النفق..
لم تكن (مجرد حمدوك ساي)..
بل جزء من معادلة العلاج والحل لو أن قومي على ذات الانتباهة..
و(يا ليت قومي يعلمون)..
وكيف أنك نجحت للمرة الأولى في توصيف مشكلاتنا مع المساهمة في حلها..
باستقالتك كنت قائداً شجاعاً وملهماً..
نفضت يدك عن كل ذلك (اللت والعجن) وتلك (الجبانة الهايصة)..
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا
ألا تفارقهم فالراحلون هم..
(بركة الإتفكيت)..
وعقبال للبقية الباقية..
والفئة الباغية…
من أخرجت المظاهرات…
ومن قتلتهم..