الفاشر – الراي السوداني
خيّم الإحباط العميق على سكان مدينة الفاشر والمناطق المجاورة، بعد سقوط الهدنة الإنسانية التي دعت لها الأمم المتحدة لإنقاذ المدينة المحاصرة منذ أكثر من عام. فشل الهدنة جاء عقب رفض قوات الدعم السريع الالتزام بها، لتتضاعف مأساة الأهالي الذين يواجهون خطر الموت جوعًا ومرضًا تحت حصار خانق ينهش المدينة بلا رحمة.
في 27 يونيو 2025، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة نداءً لوقف إطلاق النار في الفاشر لمدة أسبوع لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة. وأعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان استجابته للنداء، مما أشاع بصيص أمل وسط السكان المنهكين. لكن سرعان ما انهار ذلك الأمل بعد أن تجاهلت قوات الدعم السريع الدعوة وأعلنت عمليًا رفضها للهدنة، بل ووسّعت هجماتها على المدينة صباح الإثنين 30 يونيو من المحور الجنوبي، لتفتح فصلًا جديدًا من الألم والمعاناة.
محمد خميس دودة، المتحدث باسم معسكر زمزم للنازحين، كشف أن الوضع في الفاشر خرج عن السيطرة مع استمرار القصف ونقص المواد الغذائية وانعدام الأدوية. وأكد أن أسبوع هدنة واحد لن يكفي لإنقاذ الأرواح أو إيصال المساعدات في ظل الحصار المشدد، سواء عبر البر أو حتى بالإسقاط الجوي.
الأوضاع الإنسانية باتت كارثية: الأسواق فارغة، النقود شحيحة، المراكز الصحية مغلقة، والقصف اليومي بالطائرات المسيّرة يتسبب في سقوط عشرات الضحايا. ومع غياب تام لأي جهود إنقاذ فاعلة، ترتفع نداءات الاستغاثة من داخل المدينة المحاصرة، بينما يلوّح شبح الموت من الجوع والمرض في الأفق.
المنظمات الدولية، وعلى رأسها “يونيسيف”، سبق أن أطلقت تحذيرات عن الخطر الداهم الذي يهدد حياة أكثر من 825 ألف طفل في الفاشر ومعسكر زمزم، بينما تواصل قوات الدعم السريع هجماتها في محاولة للسيطرة الكاملة على المدينة، بهدف إنهاء آخر وجود عسكري للجيش السوداني في دارفور، تمهيدًا لإعلان حكومة موازية في المناطق الخاضعة لها.
في ظل هذا المشهد المأساوي، يبقى سكان الفاشر عالقين في انتظار هدنة قد لا تأتي، أو نجدة دولية لا تزال بعيدة المنال.