متابعات – الراي السوداني – تحدث يوسف عزت، المستشار السياسي السابق لقوات الدعم السريع، عن حالة الاستياء التي يشعر بها بعض الشباب الذين دعموا القوات في بداية الحرب، مشيرًا إلى أنهم لم يكونوا على دراية كاملة بأسباب اندلاعها.
وأوضح أن هذا الشعور نابع من قناعاتهم بضرورة بناء مستقبل أفضل وتحقيق حلول جذرية للأزمات التي يعاني منها السودان، إلا أن تطورات الأحداث جعلتهم يدركون تعقيد المشهد السياسي والعسكري.
وأكد عزت أن إسكات الأصوات النقدية داخل الدعم السريع أمر غير مبرر، إذ حاول هؤلاء الشباب في وقت سابق التعبير عن آرائهم داخليًا دون أن يجدوا استجابة.
وشدد على أن النقد ضروري لتحقيق الإصلاح والتقدم، وأنه لا يمكن لأي طرف أن يكون فوق النقد إلا إذا كان يتمتع بصفات القداسة الإلهية.
كما أشار إلى أن التضحيات التي قدمها الشباب في الحرب يجب ألا تكون مبررًا لمنعهم من إبداء آرائهم حول الأخطاء التي ترتكب.
وفي حديثه عن طبيعة الصراع، أوضح عزت أن الحرب الحالية ليست قبلية، بل هي نتيجة قرارات سياسية اتخذتها قيادات الأطراف المتحاربة.
وأشار إلى أن انحياز قوات الدعم السريع لثورة ديسمبر وتخليها عن نظام البشير، ثم الخلافات مع قوى الثورة والانقلاب على البرهان، كلها قرارات سياسية لا علاقة لها بالقبائل.
وأضاف أن القبائل لم تكن جزءًا من التخطيط العسكري، بل إن بعض الأفراد انحازوا لطرف معين بناءً على قناعات سياسية أو مخاوف شخصية من التهديدات التي أطلقها الجيش في حال انتصاره.
كما تطرق إلى قضية شرعية الدعم السريع، مشيرًا إلى أن قيادته تمسكت منذ بداية الحرب باعتبارها قوة نظامية تستند إلى القانون، وهو ما انعكس في موقفها التفاوضي خلال محادثات جدة، حيث وقع الجيش السوداني على إعلان جدة معترفًا بالدعم السريع كقوة عسكرية نظامية.
ومع تطور الحرب، يرى عزت أن الجيش تراجع عن التزاماته وعاد إلى خطاب التحشيد القبلي، وهو ما لا يتماشى مع مفهوم الجيش النظامي.
واقترح عزت على قيادة الدعم السريع أن تتخلى عن أي شرعية سابقة للحرب، بل أن تتخلى عن اسم “الدعم السريع” ذاته، وإعادة هيكلة القيادة والقوات كحركة تحرر وطني تضم كل القوى التي دخلت معها الحرب، برؤية شاملة تهدف إلى تحقيق الديمقراطية، الفيدرالية، والعدالة لكل السودانيين.
وأكد أن التجارب السابقة في السودان أظهرت أن الجيش يستخدم استراتيجيات تؤدي إلى تقسيم المجتمعات وإجبارها على الاصطفاف خلف البنادق، كما حدث في حرب الجنوب ودارفور، حيث تم تصوير النزاعات على أنها صراعات قبلية رغم أنها كانت ذات أبعاد سياسية أعمق.
وأشار إلى أن الجيش السوداني طالما اعتمد على تصنيف القوى المسلحة وفق أسس عرقية، حيث وُصفت الحركة الشعبية بأنها “حركة الدينكا”، وتمت شيطنة مكوناتها الاجتماعية، وهو الأمر ذاته الذي حدث في دارفور، حيث تم تصوير الحركات المسلحة على أنها تمثل قبائل الزغاوة والمساليت والفور.
واليوم، يتم وصف الدعم السريع بأنه “عرب”، مما يثير تساؤلات حول هوية الجيش السوداني نفسه وما إذا كان يمثل كل السودانيين أم يخضع لنفس التصنيفات التي يفرضها على خصومه.
وفي ختام حديثه، شدد عزت على أن من يوجه بندقيته نحو المجتمعات المحلية لا يمكنه الادعاء بأنه يمثل جيشًا نظاميًا أو مؤسسة مسؤولة عن الدولة.
وأكد أن المستقبل يجب أن يكون ملكًا للمواطنين، وليس لمن يقتلهم أو يمزق نسيجهم الاجتماعي بحثًا عن انتصار عسكري باسم مؤسسات عسكرية ذات قومية متخيلة.