على كل
محمد عبدالقادر
( سلام جوبا).. تحديات البقاء ومخاوف الفشل
دعونا نتفق على حقيقة ماثلة تؤكد انه ومنذ توقيع (اتفاق سلام جوبا) لم تخرج طلقة واحدة فى مسارح العمليات بكل انحاء السودان، حتى الذين لم ينضموا لركب القادمين الى الخرطوم من قيادات الفصائل المسلحة واعني عبدالعزيز الحلو وعبدالواحد محمد نور) فقد التزما بوقف لاطلاق النار اسهم كثبرا فى استقرار اهلنا بالمناطق التى كانت تشتعل فيها الحرب وتحيل حياة اهلها الى موت ورماد فى كل يوم.
اذن لا مناص من التاكيد على ان اتفاق (سلام جوبا) الذى لعب فيه الفريق اول محمد حمدان دقلو حميدتي ادوارا مقدرة وضع لبنة واسس لواقع جديد كنا نبحث عنه فى مناطق شهدت دمارا كبيرا بفعل الحرب وما احدثته من فظائع ومواجع لاهلنا الطيبين فى مناطق دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق..
احببت التذكير بهذه الحقيقة وانا انظر الى ما يحيق باتفاق سلام جوبا من مخاطر وازمات جعلت كثيرين يشفقون على مستقبله فى ظل ما يحدث الان من تجاذبات بين اطراف الملعب السياسي .
لدى كثير من التحفظات حول اتفاق سلام جوبا ابرزها ما انتجه من احتقان فى شرقنا الحبيب ومازلت اطالب باعادة النظر فى مساره والانتباه الى ما انتجه من خصومات وازمات، كما انني من الذين سجلوا رايهم باكرا فى ضعف تمثيل اطراف الاتفاق فى مساري الشمال والوسط وما زلت ادعو لمراجعة تستوعب الانتقادات والملاحظات على سلام جوبا، كما انني ارفض ان يتحول الاتفاق الى محض مغانم ومكاسب لا تراعي (حال البلد المايل) ولكن كل ذلك لا يمنع من الدعوة للبناء على الايجابيات التى تحققت ومعالجة السلبيات المصاحبة لاتفاق يعد مكسبا كبيرا فى دولة تمث الحرب فيها التحدي الاول الذى يهدد امنها ويعوق تنميتها واستقرار موطنها بعد رحلة طويلة من الضنك والشقاء.
مازلت اتذكر مقولة ل(حميدتي) تؤكد بان الاتفاق ليس قرانا منزلا وان استدراك ما فات ومعالجته سيجد الطريق الى التنفيذ متى ما تطلب الامر ذلك واتمنى ان ينخرط الرجل ويكمل مساعيه ويعمل مع كل الاطراف لتحصين الاتفاق من فشل سيعيدنا الى الحرب اللعينة ..
اجتهد السودانيون كثيرا فى البحث عن السلام الذى يسترخص فى سبيل نيله كل غال، التمسوه فى نيفاشا وابوجا وبحثوا عنه فى اديس ابابا واسمرا وطرقوا لاجله ابواب المجتمع الدولي حتى جاء اتفاق جوبا حاملا بذرة طيبة قطفنا ثمارها امنا واستقرارا فى المناطق التى كانت تحيلها العمليات الى رماد فى كل يوم تيتم اطفالها وتقتل رجالها وتشرد نساءها وتهلك الحرث والنسل وتجعل من اهلها العزيزين اذلة فى معسكرات اللجوء والنزوح فلماذا لا نبني على ما تحقق ونمصي به الى الامام..
مرت الفترة الانقالية بمنعطفات كببرة وتحديات وازمات انتجت تعقيدا عميقا فى الاوضاع السياسية والاقتصادية والامنية والمجتمعية وخلفت اخطاءا كارثية عديدة ولكن هذا لا يجعلنا نغض الطرف عن ايجابيات تحققت وفى مقدمتها اتفاق سلام جوبا الذى اوقف الحرب فى كل مسارح العمليات برعاية نائب رئيس مجلس السيادة الفريق اول محمد حمدان دقلو .
مازلنا نطمع فى البناء على ما تحقق وندعو الاطراف كلها لعدم تضييع السانحة المتوفرة الان والتى ربما لن تكون متاحة مرة اخرى اذا ما مضت الامور على التعقيدات والمماحكات التى تدور الان..
حافظوا على اتفاق سلام جوبا، تداركوا الاخطاء والسلبيات، واغلقوا الثغرات، واكتبوا للسودان عهدا جديدا عنوانه طى صفحة الحرب والى الابد..