مقالات

عبد الله مسار يكتب : لن يتّفقوا!!!

عندما قرّر الإنجليز، الخروج من السودان ومنحه الاستقلال، كان أحد إدارييهم بسرايا الحاكم العام جالساً على كرسي خارج مكتبه، فخطرت على باله فكرة هل سينجح السودانيون في حكم بلادهم بعد خروج  الإنجليز.

فقام بتجربة بسيطة، حيث وضع برنيطته (الكاب) فوق أعلى نافذة من نوافذ القصر، ثم عاد وجلس على الكرسي ونادى على مجموعة من الموظفين السودانيين والعمال المتواجدين داخل سرايا الحاكم العام، وقال لهم (هنالك جائزة فوق البرنيطة  التي هي في أعلى النافذة، والجائزة لمن يستطيع الوصول إليها)، تدافع السودانيون كل واحد منهم يطمع في الفوز بالجائزة، وكان التنافس بينهم محتدماً  والإنجليزي يراقبهم، وقد لاحظ أنه كلما صعد أو اقترب واحد منهم إلى البرنيطة، أمسك به البقية وسحبوه إلى الأرض ومنعوه من الوصول للهدف.. وتكرّر المشهد لأكثر من ساعة، وعندها أوقفهم الرجل الإنجليزي، ثم صعد وتناول البرنيطة، ثم قال للأسف ليس هنالك جائزة، ولكنه اختبار وقد فشلتم.

قال لهم، دعوني أقول لكم  نحن سنسلمكم بلدكم ونذهب، ولكنكم لن تنجحوا في إدارة بلدكم.. أتدرون لماذا؟!!

لأنّكم تتعاونون على تعطيل بعضكم ولا تتعاونون على فرص النجاح وإنجاح بعضكم.

لو كان هذا الاختبار لنا نحن الإنجليز، كنا جلسنا أولاً واتفقنا على اختيار أحدنا ليصعد ويحضر البرنيطة ونساعده على ذلك، على أن نقتسم الجائزة بيننا بالتساوي.

هذا القول أو هذه الحقيقة  تُجسِّد واقعنا السياسي بمنتهى الدقة، منذ الاستقلال

حروب وانقلابات وثورات واعتصامات وصراعات إثنية وقبلية وتناحر.

ويؤكد الواقع السياسي السوداني صدق ذلك الإداري الإنجليزي.

منذ الاستقلال، نجيد ونعطل بعضنا البعض، بالتالي يُعطل الوطن والخدمات والتنمية، بل العقد الاجتماعي، وبهذا العمل، عطّلنا الوطن ورهناه لأمثال فولكر وآخرين، وجعلنا وطننا سُوحاً للخلاف والتآمر، وبعناه في موائد العمالة والارتزاق.

نحن كأفراد تعامُلنا جيدٌ، ولكن تعاملنا مع الوطن والشأن العام من أسوأ ما يكون..!!

نحن شعبٌ لم نتعلّم كيف نتعاون من أجل تحقيق النجاح الوطني ولا تنمية السودان.

وساستنا لم يتعلّموا إلا الخلاف والصِّراع وعدم الاتّفاق، بل هم أدوات للفشل  ولا يعرفون كيف يُديرون الخلافات بينهم. وأحزابنا كلها قامت على الخصومة. ولذلك فشلنا جميعاً في إدارة وطن حباه الله بموارد كثيرة وكبيرة وأرض ومياه وموقع، ونحن شطار جداً في التخوين والكيد والحقد والحسد والهدم والتكسير، حتى ثورتنا التي قامت  خربت كل ما كان موجوداً قبلها، ولم يسلم من ذلك الطرق والشوارع والمؤسسات العامة والخاصة، وتعطيل مصالح البلد والشعب!!

أيُّها الساسة السودانيون، ألا يكفيكم الزمن الذي ضاع من عُمر هذا الصراع دون طائلٍ،

وكل أوطان الدنيا في تقدم ونمو وهي بدون موارد، مثال (اليابان) ونحن نرجع إلى الخلف.

عليه، السيد الفريق أول البرهان، ساسة السودان لن يتفقوا، كلٌّ يكيد للآخر، اتخذ قرارات لصالح الوطن، أولها عيّن عاجلاً رئيس وزراء من ذوي الخبرة والكفاءة والقبول ليكمل ما تبقى من الفترة الانتقالية وليختار له وزراء بذات الصفات، وليكمل مؤسسات الفترة الانتقالية،  وخاصةً مفوضية الانتخابات،

واقصروا الفترة الانتقالية لمدة عام فقط ليذهب الجميع إلى الانتخابات، كفانا حكم (الزندية).

اعلم أخي البرهان، ساسة السودان ضاربهم سوس الخلاف لن يتّفقوا إلا في تكسير الوطن!!

إنّه المرض العضال المُزمن الذي أصابهم منذ الاستقلال.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

تعليق واحد

  1. أن لمهاتير عندما كان مسئولا عن التعليم قصة مشابهة …وضع جائزة .اعطي كل معلم بالون وقال صاحب البالون الناجي ..هو من سيحصل علي الجائزة وتباري الجميع في هتك بالون الآخر ليفوز..فالكل كان يعرقل أخاه ليكون في الطليعة ..أما قصة الخواجة ..فا أظنه اخذها من قصة اطفال دولة أفريقية متخلفة وضع لهم جائزة تحت شجرة أملا في يتجاروا نحو الشجرة للحصول علي الجائزة لكنه فوجئ بهم جميعا يمشون بخطي ثابته نحو الجائزة..فلما سألهم عن السبب كانت اجابتهم واحدة أن فرحتهم لا تكتمل إلا أن ينال كل منهم نفس القسط ….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى