بقلم الدكتور/ الفاتح يس
كلنا يعلم أن العاصمة الخرطوم سنوياً تتعرض الي موسم الأمطار؛ وتصبح الخرطوم قلقه من ما تفعله السيول والأمطار والفيضان من هدم ودمار يلحق ببعض المناطق في الخرطوم؛ ولنا في فيضانات العام الثامن من ثمانينات القرن الماضي خير دليل وبرهان.
هذه الأمطار وهذه المياه حبانا بها المولى عز وجل لحكمه ربما نعلم بعضها ونجهل بعضها؛ ولكن الله يعلم هذه الحكمة. إذاً لماذا نسمح لهذه المياه بتدمير الممتلكات المادية والحيوية؟ في حين كان ممكن أن نستفيد من هذه المياه بعمل وإقامة مشروع حصاد المياه؛ وبدل أن تكون السيول والأمطار نغمه تصبح نعمه بإذن الله.
الفكرة الأساسية في مشروع حصاد المياه هي عمل حفائر وخزانات أرضية لتخزين هذه المياه؛ ممكن تكون هذه الخزانات مفتوحه، وممكن تكون مغلقه لتقليل نسبة الفاقد من التبخر بفعل أشعة وحرارة الشمس. والتخزين هذا ليس حكراً على مياه سقوفات المنازل فحسب؛ وإنما حتى مياه الحوش ومياه الشوارع والطرق والميادين العامة، ومياه السيول والفيضانات.
تنفيذ مشروع حصاد المياه يعتمد على عمل مجاري ومصاريف مفتوحة أو مغلقة (حتى لا تتلوث هذه المياه) بتخطيط هندسي لتنساب إليها مياه الأمطار والسيول والفيضانات بـ الجاذبية الأرضية إلى هذه المجاري والمصارف؛ والانحدار يكون إنحدار طبيعي في إتجاه نهر النيل.
في هذه المجاري والمصارف يتم عمل فلاتر ومرشحات لقبض الشوائب والاوساخ (مثل القوارير البلاستيكية والمعدنية والخشب والقش وغيرها) ومنع هذه الشوائب من الدخول إلى خزانات المياه؛ وقبل هذه الخزانات يتم تنصيب وحدة معالجة لهذه المياه؛ وأيضاً يمكن عمل وحدات معالجة صغيرة وخزانات في شبكة مجاري تجميع هذه المياه بعد كل مسافة معينة؛ لتسهيل عملية سريان المياه وللإستفادة من هذه المياه في المنطقة التي تم فيها قيام وحدة المعالجة والخزان بالقرب من وحدة المعالجة.
وهذه المياه لا يتم إستخدامها لا في الشرب ولا في عمل المأكولات والمشروبات؛ إلا بعد إجراء معالجة إضافية لها.
يُستفاد من هذه المياه التي تم جمعها ومعالجتها في ري النباتات بكل أنواعها؛ وفي الغسيل بكل أنواعه، وفي أعمال البناء وغيرها.
الدول التي لديها مشروع حصاد المياه تفصل شبكة مياه الشرب عن شبكة هذه المياه بعد المعالجة.
المشروع بيعتمد على وجود البنية التحتية لمصارف المياه ونظافة المدينة؛ لأن الأوساخ تعمل على قفل المجاري؛ غير أنها تلوِّث هذه المياه؛ وهنا سترتفع تكلفة تنقية ومعالجة هذه المياه.
من مزايا مشروع حصاد مياه الأمطار أنه يُجنب البلاد كوارث السيول والأمطار التي تحدث سنوياً للمناطق القريبة من النيل والمناطق المهددة بالسيول والفيضانات؛ والفائدة الأكبر من ذلك ستكون إذا تم عمل حفائر غرب أمدرمان وشرق النيل؛ لتجميع مياه الأمطار والسيول والفيضانات؛ والفائدة هنا تكون في توفير مياه لهذه المناطق في فترة ما بعد الأمطار وقيام قرية متكاملة فيها مزارع نباتات للخضروات والفاكهة والمحاصيل الموسمية ومزارع سمكية ومراعي للحيوانات؛ وأيضاً إقامة مسالخ ومصانع للصناعات والمنتجات الزراعية والحيوانية والسمكية (مصانع الجبن واللحوم والساردين)؛ وكل هذه المزارع تخلق بيئة حيوية جديدة ونظام حيوي وصناعي وتخلق فرص عمل جديدة، ويمكن إقامة وحدة أبراج سكنية صغيرة في شكل شقق؛ حتى تقلل من الضغط السكاني في وسط العاصمة، وهذا المشروع سيرفع من معدل الإنتاج الزراعي الطبيعي والإنتاج الحيواني والاستزراع السمكي؛ وسيسهم في كسب فوائد القيمة المضافة بعد تصنيع المنتجات النهائية؛ وبالتالي سيقلل من الإستيراد؛ الذي بدوره يذيد من الناتج المحلي الإجمالي ومستوى دخل الفرد؛ ويعمل على تقوية سعر الصرف للجنية السودان؛ وهذا حتماً سينهض بالاقتصاد السوداني.
كل هذه الفوائد سنحصل عليها من مشروع حصاد مياه الأمطار؛ بالإضافة إلى الفوائد الصحية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ ومعروف أن زيادة المساحات الخضراء تعالج من مشكلة الاحترار العالمي والإحتباس الحراري وتغير المناخ وتقلل من الآثار البيئية السالبة.
هذه بعض الفوائد التي نجنيها من مشروع حصاد مياه الأمطار بــ قيام قرية حيوية متكامله في غرب أمدرمان وقرية حيوية متكامله أخرى في شرق النيل؛ وهذا المشروع يحتاج إلى مختصين من مختلف التخصصات وبالأخص مختصين في الهندسة المدنية والعمارة والكيمائية والبيئية والزراعيين والإنتاج الحيواني والاقتصاديين والجيلوجيين وغيرهم؛ لأن المشروع كبير ويحمل في طياته كثير من التخصصات العلمية؛ حتى يدلوا بدلوهم في هذا المشروع الحيوي الضخم؛ والذي يمكن أن يكون حلاً لمشاكل السودان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؛ وخاصةً مشكلة نقص الغذاء والأمن المائي؛ بزيادة مخزون المياه الجوفية.
مشروع حصاد المياه وإقامة قرية متكاملة من المشروعات التي تساهم في مكافحة التصحر وتساهم في تخفيف والحد من ظاهرة وقضية تغير المناخ؛ تلك القضية العالمية التي أصبحت تؤرق مضاجع كل العالم؛ ولكم في مؤتمر باريس في العاصمة الفرنسية أسوة حسنه؛ والسودان مؤهل ليكون سلة غذاء العالم بإقامة مثل هذه المشروعات المتعددة الأنشطة (زراعية، حيوانية، صناعية)؛ بفضل أراضيه الخصبة ومناخه المتعدد وجغرافيته وتضاريسه المتميزة.
مشروعات حصاد المياه من المشروعات التي تحث عليها الأمم المتحدة والمنظمات العالمية ووكالة حماية البيئة؛ وفي الآونة الأخيرة أصبحت القضايا البيئية تأخذ أبعاد ومنحني إقتصادي وسياسي؛ فـ يمكن للسودان أن يقدم مقترح مشروع حصاد المياه في غرب امدرمان وشرق النيل؛ حتى يجد القروض طويلة عمر السداد والهبات والمنح والدعم اللوجستي والفني والتكنولوجي من الدول العظمي التي تهتم بقضايا البيئة وتغير المناخ؛ وهذا المشروع الحيوي الضخم ليس صعب إقامته؛ لكنه فقط يحتاج الي الإرادة السياسية المؤهلة والقوية تمتلك ناصية العلم وتبحث عن المعلومات وتؤمن بالتخصصية؛ وتضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وتجيد الدبلوماسية وفن الممكن؛ وهاهي الجارة مصر تحرز تقدماً على الصعيد المناخي بإستضافتها للدورة السابعة والعشرين (COP 27) لــ مؤتمر الأطراف لإتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ الذي سينعقد بـ مشيئة الله في نوفمبر القادم في مصر في مدينة شرم الشيخ.
د. الفاتح يس
أستاذ مساعد في عدد من الجامعات والكليات والمعاهد العليا وباحث مهتم بقضايا تغير المناخ والاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة.
أن نفكر في الاستفادة من مياه الأمطار والسيول شئ جميل جدا والأهم من الاستفادة هو منع اضرارها في تدمير المزارع والمساكن خصوصا بأنها تنحدر الي مجري النيل وغالبية السكان يسكنون ويزعلون علي ضيافه مما يضع السكان ومزارعهم في كماشة او بين فكي أسد بين فيضان النيل والامطار والسيول .
* منع السيول و مياه الامطار الي الوصول الي النيل سيقلل من زيادة منسوب الفيضان وخطره المتكرر علي السكان وايضا حماية السكان من هدم منازلهم ومزارعهم .
*الاستفادة من مياه السيول والامطار بحصادها في حفاير ضخمة ومتفرقة يحول المناطق الي مراعي طبيعية دائمة بتوفر مياه الشرب طول العام وهذا قمة ما نصبوا آلية خصوصا عدم انتظام هطول الأمطار ومواسم الجفاف .