في عام ١٩١٩م، كان المهراجا الهندي جاي سينج في رحلة إلى العاصمة البريطانية لندن، وكان يتجوّل في شوارعها بدون أي مواكب أو حرس ملكي خاص أو مظاهر تؤشر إلى مكانته الحقيقية، وحينها دخل المهراجا الذي كان معروفاً بثرائه الفاحش إلى أحد معارض السيارات الخاصة بشركة رولزرويس، وكان يريد السؤال عن أسعار سيارات الصناعة البريطانية الشهيرة.
حينها أعتقد الموظفون العاملون في المعرض أن من دخل عليهم مجرد هندي فقير، ولم يعرفوا أنه ملك الهند بأكملها، وأحد أثرى الأشخاص في العالم، ولكن يبدو من هيئته البسيطة والمتواضعة في ذلك الوقت، خدعت هؤلاء الموظفين، ولاعتقادهم أنه رجل هندي فقير، طردوه من المعرض، وعاملوه بطريقة مُهينة للغاية دون علم منهم بهويته أو نفوذه..!!
وبهدوء ودون أي ضجيج وفوضى، عاد المهراجا إلى الفندق وأمر خدمه وحاشيته بالاتصال بمعرض رولزرويس
ليبلغوا هذا المعرض أن ملك الهند بصدد زيارة المعرض.
قامت سلطات المعرض بتجهيز استقبال حافل له، وفرشوا السجاد الأحمر. وبوجود المدير العام للشركة،
اشترى المهراجا عشر عربات رولزرويس واشترط أن يوصلهم عند الرجل الذي أهانه، ثم شحنها إلى بلده وأزال الأسقف، وقرّر أن تعمل تلك السيارات في نقل القمامة ليرد على الإهانة التي تلقاها في المعرض.
فحدثت ضجة صحفية كبيرة بسبب هذا الأمر، وساءت سمعة المعرض كثيراً، وساءت سمعة الشركة، مما دفع شركة رولزرويس بالتواصل مع المهراجا الهندي والاعتذار له، وأرسلوا عشر سيارات جديدة هدية مقابل أن يوافق على التوقف عن استغلال السيارات الأخرى في نقل القمامة لإنهاء المشكلة.
هذه القصة تؤكد أن الجوهر هو الأساس وليس المظهر، ولذلك الأديان كلها تهتم بالبشر كخلق والله ينظر إلى قلوب عباده وليس للونهم أو لبسهم.. ولذلك أن أكرم الخلق أتقاهم.
أيها السودانيون حافظوا على جوهركم مع الاعتناء بمظهركم، ولكن ضعوا طاعة الله نصب أعينكم في كل حين، فإن لم تروه فهو يراكم. “يعلم خائنة الأنفس وما تخفي الصدور”.
وكم من أشعث أغبر لو رفع يده لربه لأبره، وأنت لا تعرف أين يضع سره، وقد يضعه في أضعف خلقه.
أيُّها الحكام اهتموا بضعاف القوم بهم ترزقون، واهتموا بأوطانكم إنها أمانة في أعناقكم.