أعلنت قوى الحرية والتغيير وقف التفاوض وجميع الاتصالات السياسية مع المكوِّن العسكري، في أعقاب سقوط تسع شهداء خلال مواكب 30 يونيو، وحملت المكوِّن العسكري مسؤولية إفشال العملية السياسية التي أطلقتها الآلية الثلاثية جراء القمع المفرط الذي مارسته القوات الأمنية في مواجهة المتظاهرين.
وأعلنت قوى الحرية والتغيير وخروجها بكلياتها من دائرة الحوار بإشراف أمريكي سعودي مسرعة خطاه للحاق بمواكب التظاهرات وتسبقها دعوتها التي أطلقتها للتنسيق بين قوى الثورة وقيام جبهة وطنية موحَّدة للتصعيد وصولاً للإضراب السياسي والعصيان المدني الشامل لإسقاط الانقلاب.
ويقول مراقبون: إن مشهد الخوف بدأ واضحاً لدى قوى الحرية والتغيير التي كانت قبل يوم 30 يونيو، تتصدَّر واجهة الأخبار في حوارها مع المكوِّن العسكري برعاية سعودية أمريكية وهي تصارع الأطراف كافة في الساحة السياسية لفرض هيمنتها على طاولة الحوار التي اعتبرتها مسرحاً لتصفية الحسابات وساحة لاكتساب النقاط من المكوِّن العسكري بتناقضات كبيرة مع موقف الشارع الرافض لأي تفاوض ومتمسك بالتظاهر الذي وصل لذروته في 30 يونيو، الذي وصفته قوى الحرية والتغيير أحدث تحوُّلاً نوعياً وهي تحاول اللحاق به وحجز موقعها داخله، لكن السؤال هل سيقبل الشباب في الشارع وجودها بينهم وهي قادمة من قاعة الحوار الذي يرفضه؟ فواضح الوضع المعقَّد الذي تواجهه قوى الحرية والتغيير وهي تحاول تصدر خط المواجهة واللحاق بركبها الذي انفصلت عنه، وهي تدخل -الآن- في صراع محتدم مع غريمها الحزب الشيوعي عند عتبة ساحات الاعتصام الذي دخل فيه الشباب بعد مواكب 30 يونيو، ولم يعودوا لمنازلهم، وفي مشهد آخر حملت الأخبار عن اتصالات كثيفة تجريها مكاتب المبعوثين الدوليين لطلب السماع لهم بزيارة عاجلة للسودان بعد التصعيد الذي تم عقب يوم 30 يونيو، ويؤكد المراقبون أن هدف هؤلاء المبعوثين لن يكون الجلوس مع الشارع، ومؤكد ستكون قوى الحرية والتغيير هدفاً مباشراً لهم لإعادتها لطاولة الحوار، لكن السؤال هل سيقبل الشارع بتفويضها للتفاوض عنه كما فعل 2019م، وقطفت القوى السياسية ثمار تورثه؟ والأهم الآن هل يقبل الشارع داخله بوجود قوى الحرية والتغيير بعد أن فارقته لطريق آخر؟ أم أنها ستنكره في سوج اعتصام وتخرجه كما ظلت تفعل مع قادته عند مشاركتهم في المواكب؟
وقال المحلِّل السياسي عبدالله آدم خاطر لـ(الصيحة): إن الشارع أصبح البوصلة التي تحدِّد المسار الديموقراطي في المستقبل، وبالتالي كل القوى السياسية مدركة تماماً أن مستقبلها مرتبط بمسايرة الشارع بحراكه واعتصاماته وتمجيد شهدائه، ومؤكد أن الطريق الذي يسلكه الشارع هو طريق الحرية والتغيير مهما اختلفت المواقف والوسائل بينهما في ظرف ما، وتقول قوى الحرية والتغيير في تبريرها لقبول الحوار مع المكوِّن العسكري أنها تدير معه ناقش إجراءات لتحقيق مبدأ عودة المكوِّن العسكري لثكناته وابتعاد القوى السياسية عن السلطة خلال الفترة الانتقاليية يعني ليس ناقش تفاوض.
وأضاف أستاذ خاطر: لكن ثقة الشارع في قوى الحرية والتغيير تتأكد من خلال تحقيق الشعارين اللذين تحملهما وأشرت إليهما أنها لن تشارك في الحكومة الانتقالية وتركها للكفاءات وهذا محفِّز لعودة العساكر وخروجهم من دائرة الحكم وأداء واجبهم المهني في حماية الدولة والدستور بينما تتفرَّغ القوى السياسية لتهيئة نفسها والاستعداد للانتخابات.
وأكد خاطر أن عودة قوى الحرية والتغيير للشارع عودة صادقة وليس عملية تكتيك أو مناورة، ومؤكد الشارع سيقبلها ويدخل هذه المرحلة دون تخوين أي طرف من الأطراف على قوى التغيير وتقل بعضها، خاصة أن الحركات المسلحة واجهت صعوبات وهي تقول إنها جزء أساسي في التغيير، لكن أسيئ فهمها وعاد خاطر يقول: إن الشارع سيقبل الجميع.