مقالات

الطاهر ساتي يكتب: استثمار الساحل ..(1)

:: ومن الأخبار المُفرحة، وافق رئيس الوزراء عبد الله حمدوك على إنشاء مناطق حُرة بولايات، منها أول منطقة حرة يمتلكها القطاع الخاص في بورتسودان، و بها مربطٌ للسفن، وساحات للحاويات، وصوامع للغلال و ألأسمدة، وبالمربط أحدث الرافعات والآليات والأجهزة، مع التشغيل بنظام الرقابة الإلكترونية لكل مراحل تخليص وترحيل الحاويات.. لمثل هذه الأخبار قيمة سياسية واقتصادية، بحيث تعكس أن المناخ العام صار مثالياً للعمل..!!

:: وكما ذكر الأمين الشيخ مصطفى، رئيس مجلس إدارة المشروع (النيلين – بوابة أفريقيا)، فإن هذه المنطقة الحرة تقع على مساحة (150.000 متر مربع)، شمال الميناء الأخضر، وموعد افتتاحها – بكل ما فيها من مربط وصوامع وغيرها – نهاية هذا العام بإذن الله.. فالمشروع قيمة مُضافة للاقتصاد الوطني، ولقد أحسن رئيس الوزراء ووزير المالية وهيئة الموانئ عملاً بفتح باب الأمل للقطاع الخاص، ليستثمروا في هذه القطاعات الحيوية..!!

:: ومثل هذا المشروع، في حال اكتماله بلا متاعب، يجذب مشاريع أخرى.. قطاع الاستثمار لا يختلف عن أسواق الأحياء.. في أسواق الأحياء، ما أن ينجح صاحب محل لبيع العصائر، يأتي آخر و يفتح محلاً لبيع العصائر أيضاً أو (فرن بلدي)، ليأتي آخر و يُنشئ مخبزاً آلياً، أي يطور الفكرة لصالح المجتمع و يربح أكثر.. ثم يأتي آخر بفكرة جديدة.. و.. و..هكذا تؤسس المجتمعات أسواقها.. بالمنافسة وتطوير الأفكار..!!

:: وما بالمجتمعات يرتقي إلى مستوى الدولة في حال إدرة قطاع الاستثمار بوعي ومسؤولية.. و من المؤسف، عجزنا عن جذب مشاريع بحجم شركة كنانة، واكتفينا بالمشاريع التي من شاكلة أبراج الخليج و الكافتيريات السورية وصوالين الحلاقة التركية وأفدنة البرسيم وغيرها من الصغائر.. وأن نقدم للعالم مشاريع نموذجية و حيوية – و استراتيجية – أفضل من ألف ملتقى ومليون مؤتمر..!!

:: أخبار الإنتاج هي التي تجذب المستثمرين، و ليس أخبار المواكب و إغلاق الطرق بالمتاريس و الموانئ بالرافعات..و موافقة رئيس الوزراء على مشروع النيلين تشجيع للمستثمر السوداني، فمن حُسن مظهر الاقتصاد الوطني تشجيع الاستثمار الوطني، لينافس الأجنبي بالجودة والسعر.. وبمثل هذا التشجيع يُمكن إخراج الرأسمالية الوطنية من أوكار التجارة الخاملة – والسمسرة – إلى عالم الصناعة والزراعة والخدمات..!!

:: وعليه، مع جذب وحماية الاستثمار الأجنبي، فعلى الحكومة تشجيع وحماية الاستثمار الوطني أيضاً، وذلك بتسهيل التمويل وعدم ابتزاز المستثمرين أو التشهير بهم أو محاكمتهم باللجان السياسية.. و هذا ما يُمكن أن يُسمى بالاستثمار الاستراتيجي الذي لا يتأثر بالمؤثرات الخارجية وتقلبات طقوس العلاقات السياسية، وتقول إحدى الحكم الشعبية: (لا تضع كل البيض في سلة واحدة)، ومن الخطأ الرهان على الأجانب فقط..!!

:: وموافقة حمدوك على إنشاء مشاريع بحجم مناطق حُرة ومرابط سفن – للقطاع الخاص – يجب أن تكون بداية جادّة لتقسيم مسؤولية التنمية والنهضة بين الحكومة والقطاع الخاص، دون أن يتوغل أحدهما على مهام الآخر.. و كما كتبت – كثيراً – فمن التغيير المنشود في مرحلة ما بعد الثورة هو أن تكتفي الحكومة بالتشريع و الرقابة والإشراف، و تُفسِح مجالات الإنتاج والخدمات لشركات القطاع الخاص ..!!
من إرشيف إليكم
24 يناير 2021

:: من إليكم :
:: هذه الزاوية المعاد نشرها، وكانت بعنوان ( موافقة موفقة )، تصلح بأن تكون مقدمة لزاوية الغد باذن الله؛ و التي ستكون عن المشروع المشترك المرتقب بين مجموعة دال و شركة ابوظبي القابضة على ساحل البحر الأحمر .. ساتي

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى