مقالات

الطاهر ساتي يكتب: هيدوب المهجور ..!!

:: أصدر نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو، يوم الخميس، توجيهاً بمباشرة العمل بميناء هيدوب لصادر الماشية بالبحر الأحمر خلال (٧٢ساعة)، وقد يكون هذا التوجيه التاسع عشر أو التاسع و العشرين.. فالشاهد؛ منذ عهد النظام المخلوع، فإن كل مسؤول اتحادي يزور ولاية البحر الأحمر، لايعود منها إلى الخرطوم قبل التوجيه بتشغيل ميناء هيدوب..ومع ذلك، يبقى الحال بهيدوب كما هو عليه ( مهجوراً) ..!!
:: لعلكم تذكرون أن نظام المخلوع افتتح هذا الميناء في ( نوفمبر 2017)، وأن هيئة الموانئ البحرية دشّنت عمليات الصادِر عبر هذا الميناء في (مايو 2018)، حيث شهد تصدير أول شحنة من الضأن – ثلاثة آلاف رأس – مُتّجهة إلى لبنان.. ولكن بعد ستة أيام من التدشين، أعلنت هيئة الموانئ إغلاق الميناء، لأن تجربة الستة أيام كشفت عن ضرورة إنشاء المحجر البيطري قرب الميناء وتشييد حظائر الانتظار وتوفير مياه الشرب..!!
:: ما حدث بميناء هيدوب يُذكّرُني إحدى قصص الخيال.. عطلة رسمية بمناسبة وضع حجر الأساس لأكبر جسر نهري بالبلاد.. تمّ حشد الجماهير ونصب الخيام وذبح الذبائح.. وقبل بداية الحفل، أفادهم حكيم القرية بأن المكان المُستهدف بالجسر ليس به نهر يستدعي بناء جسر.. فاعتقلوه.. ثم وجهوا له تهمة إعاقة النظام عن أداء واجبه، ثم أعدموه.. له الرحمة، فالمسكين لم يكن يعلم أن نهج النظام يبني الجسور أولاً، ثم يبحث عن الأنهار لاحقاً..!!
:: و هكذا نهج العباقرة بأجهزة الدولة التنفيذية ذات الصلة بالميناء والصادر.. جاءوا بالرئيس والوزراء و غيرهم، واحتفلوا ورقصوا ودشّنوا الميناء (أولاً)، ثم بحثوا عن المحاجِر والحظائر في الميناء وبجواره (لاحقاُ)، وعندما لم يجدوها أغلقوا الميناء وغادَروا.. وظلّ الميناءُ مغلقاً، منذ تاريخ الافتتاح (نوفمبر 2017)، ثم تاريخ التدشين (مايو 2018)، وإلى ما بعد الثورة بعام ونيف، لعدم وجود المِحجَر البيطري ..!!
:: ميناء هيدوب هو الأحدث على طول الساحل السوداني، بحيث يعمل كل شيء فيه إلكترونياً، وبأحدث نظم التشغيل .. (5 أرصفة)، بطول (241 متراً)، وعمق (12.5 متر)، وحمولة (30.000 طن).. والميناء مشروع شراكة مثالية ما بين هيئة الموانئ وشركة جيك الصينية (51%، 49%).. ومنطقة هيدوب تقع جنوب سواكن (30 كلم).. وعلى الرغم من قربها من سواكن، وعلى الرغم من أنها غنية بخيرات البحر، تعتبر هيدوب من المناطق المَنسيّة بشرق السودان..!!
:: فالمنطقة معزولة، بحيث تتّخذها مراكب الصيد إحدى محطاتها ثم تُغادرها لافتقارها إلى عوامل البقاء والاستقرار.. وكذلك كانت منطقة هيدوب من أوكار تُجّار السلاح والمُخدّرات وتهريب البشر.. وبميناء هيدوب كان يجب أن تشهد هذه المنطقة شروق شمس (حياة أخرى)، لتحل محل وعثاء العابرين وضنك المُبعثَرين في الفيافي والجبال، أو هكذا كان الحُلم عريضاً عند إنشاء الميناء ويوم التدشين والتشغيل، قبل خمس سنوات..!!

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى