القراية أم دق
محمد عبد الماجد يكتب:خنقتون
(1)
اللجنة الامنية التي احتفظت بالبشير في مكان آمن كما جاء في بيان الفريق عوض بن عوف في 11 ابريل 2019 بعد ان اختلفت مع البشير حول إبادة ثلث الشعب، يبدو والله اعلم بذلك ان اختلاف اللجنة الامنية مع البشير في هذا الامر كان حول نقطتين .. النقطة الاولى كانت في (الكمية) – فهم اي اللجنة الامنية ربما رأت ان الابادة يجب ان تكون لأكثر من ثلث الشعب. قد يكون جدالهم او اختلافهم مع البشير في ان تتم ابادة نصف الشعب او كله بدلاً من ابادة ثلث الشعب فقط، كما كان يرى البشير الذي كان يبحث عن فتوى تجيز له ذلك.
اما اختلاف اللجنة الامنية الثاني مع البشير فيبدو انه كان حول كيفية هذه (الابادة). اذ يبدو ان اللجنة الامنية ترى ان تتم الابادة عن طريق الرصاص البارد. أي ان يتم الضغط اقتصادياً على الشعب حتى تحدث الابادة بصورة تلقائية – هذا دون ان يفقدوا حقهم في الابادة بالرصاص كما يحدث في المواكب السلمية التى وصل عدد الشهداء فيها بعد انقلاب 25 اكتوبر الى (73) شهيداً الى جانب اصابة (2400) مواطن.
نتمنى ونسأل الله ان لا ترتفع هذه الاعداد في موكب اليوم، لأن الاعداد اصبحت قابلة للزيادة بصورة كبيرة ومخيفة في المواكب الاخيرة التى شهدت ارتقاء عدد كبير من الشهداء بعد ان منحت السلطات العسكر الحصانة للتعامل مع المواكب السلمية بقوة مفرطة.
ندرك ان الشرطة سوف تقول بعد ذلك انها تعاملت مع المواكب بالحد الادنى من القوة، كما يحدث في الافلام الهندية، علماً ان هذا الحد الادنى من القوة الذي تشير اليه الشرطة يؤدي في الغالب الى مجازر يترقى فيها (7) شهداء في اليوم الذي تخرج فيه المواكب مطالبة بالسلطة المدنية.
هناك اختلاف اخر بين البشير ولجنته الامنية يتمثل في ان الاول كان يبحث عن (فتوى) دينية للإبادة – اما اللجنة الامنية فهى احسبها لا تحتاج الى (فتوى)، خاصة بعد دعوات التطبيع مع اسرائيل.
(2)
لم اجد في العالم كله سلطة تخنق شعبها بهذه الصورة التى نراها من حكومة انقلاب 25 اكتوبر.
بعد الانفتاح الذي شهده السودان بعد ثورة ديسمبر المجيدة وسقوط نظام البشير، وبعد التحرر من العزلة الدولية التى كان يعانى منها الوطن بسبب تصنيفنا كدولة ارهابية وفرض عقوبات اقتصادية علينا نتيجة لسياسة النظام البائد اعادنا انقلاب 25 اكتوبر الى نقطة الصفر – وقد يلقي بنا جميعاً الى التهلكة بعد ان توقف الدعم الخارجي للسودان وتعطل النمو الذي شهده السودان في الفترة الاخيرة وعاد الاختناق ورجعت العزلة من جديد للسودان لتحدث ابادة اخرى على الشعب السوداني عن طريق تلك الضغوط الاقتصادية التى يعانى منها المواطن.
من لم يمت في السودان بالرصاص مات بالأوضاع الاقتصادية المتدهورة والمعاناة التى تقضي على اليابس والأخضر في السودان.
معدل التضخم الذي كان في انخفاض وسعر الدولار الذي شهد استقراراً بعد الثورة عاد من جديد متصاعداً بسبب قرارات البرهان التى صدرت في 25 اكتوبر.
لمصلحة من يتم تدمير الوطن بهذه الصورة ويوقف النمو والتطور الذي كان يشهده السودان في ايام السلطة الامنية.
لا اريد ان اتحدث عن ارقام – كل المشاريع توقفت.
لا نقول ان المعاناة كانت غير موجودة.. ولكن نقول ان الوطن كان يتقدم الى الامام وان المواطن كان مستعداً للتضحية والصبر من اجل الوصول الى بر الامان والعبور من بعد ذلك والانتصار وصولاً لبقعة الضوء التى كانت في اخر النفق.
كان هناك استعداد للتضحية والاحتمال.
الآن على ماذا نصبر؟ وعلى أي شيء نراهن؟ وكل الافق مسدود وكل الطرق مغلقة.
حتى جسر المك نمر اصبح مغلقاً بالحاويات.
(3)
البلاد الآن تشهد ركوداً عاماً – كل الاشياء مغلقة بما في ذلك الجامعات التى لا يمكن ان تفتح في مثل هذه الظروف.
دولة مغلقة جامعاتها ..تبقى دولة تغلق نوافذ المستقبل والنور والغد المشرق.
دون ذلك فإننا في الحراك الثوري نفقد خيرة ابناء هذا الوطن – اذ فقدنا عدداً كبيراً من الشباب بالرصاص الحي والذخيرة التى صوبت على رقابهم ورؤوسهم.
اغلب الذين فقدناهم في الحراك الثوري تتراوح اعمارهم بين 16 سنة و25 سنة، وهذا هو الجيل الذي يعطي للحياة البهجة والثمرة.
عدد كبير من الشباب تعرضوا لإصابات بالغة افقدت بعضهم القدرة على الحياة وبعضهم القدرة على الحركة.
هذا الى الجانب الاثر النفسي الذي سببته تلك الاحداث بان جعلت الأحزان هي القاسم الاعلى في كل البيوت السودانية.
لو اتينا بأكبر عدو للسودان وقلنا له دمر السودان واقتل ابناء هذا الشعب فلن يصل الى هذه النتائج التى وصل اليها النظام البائد.
لو تم تفجير السودان بصاروخ او قنبلة فلن يحدث فيه كل هذا الخراب.
الذين قاموا بانقلاب 25 اكتوبر يجب ان يحاكموا ويحاسبوا فقد ارتكبوا اعظم اثم في حق هذا الوطن.
اضحك عندما اسمع عن محاكمة مدبري انقلاب 30 يونيو.
انقلاب 25 اكتوبر الذي حدث بعد الثورة اخطر من انقلاب 30 يونيو.
(4)
بغم /
لو كنتم تفعلون هذا باسم العدو الاسرائيلي ربما كنت اجد لكم العذر.
المشكلة انكم تفعلون ذلك باسم الوطن وتصحيح المسار ومعالجة مصابي الثورة.
ابعدوا القوات المسلحة من هذه المؤامرات التى تحاك على الوطن، ولا تجعلوا السودان عرضة للتناوش الخارجي.