مقالات

سمية سيّد تكتب: جبريل وبناء السيناريو الأسوأ (2 ـ 2)

*وزير المالية د. جبريل إبراهيم وهو يشير الى أسوأ الاحتمالات في حديثه لشبكة بلومبيرغ الإخبارية على خلفية توقف الدعم الخارجي، قال إنهم يخططون للاعتماد على الموارد الداخلية.

*علينا أن نشكر أمريكا لقرار إيقاف الدعم ونتمنى ألا يكون مجرد تهديد، حتى تلجأ حكومتنا للخيار (الأسوأ) وهو الاعتماد على الموارد الداخلية.

*سوء التخطيط بعدم الاعتماد على الموارد الداخلية قاد السودان الى الأوضاع السيئة التي يكابدها الشعب الآن.. صحيح إن المشكلة لم تأتِ مع وزير المالية الحالي، لأن عدم اللجوء الى الموارد عملية متوارثة من الحكومات السابقة. حيث ظل الاعتماد على المنح والقروض من أهم موارد بناء الميزانية العامة للدولة، وعدم الإيفاء به لأي سبب من الأسباب يضع البلاد في مأزق اقتصادي يصعب الخروج منه.

*أما الموارد الداخلية وهي موارد ضخمة يمكن أن تضع السودان في مصاف الدول الغنية فتذهب عائداتها الى جهات غير معلومة.

*خذ مثلاً.. عائدات صادر الذهب في أحسن حالاتها لا تأتي بأكثر من مليار دولار بالرغم من أن التقرير الرسمي للنصف الأول من العام الحالي الصادر عن وزارة المعادن يؤكد أن إنتاج البلاد بلغ 35.6 طن ذهب من شركات الامتياز والتعدين الأهلي.

*وموارد البلاد الداخلية من صادرات اللحوم والماشية تقدر بأكثر من 3 مليار دولار. لكنها لم تصل مليار دولار في العام، وبلغت في النصف الأول من العام الحالي 400 مليون دولار.

*التقديرات تقول إن صادرات السودان من غير الذهب تقدر بنحو 10 مليار دولار. غير أنها في أحسن حالاتها تتراوح ما بين 3 الى 4 مليار دولار.

*أسباب تدهور الصادرات والفشل في الاعتماد على الموارد الداخلية معلوم بالضرورة.

ا*لفساد الذي نخر في عظم الاقتصاد السوداني جعل فئة تستأثر بعائدات الذهب، عن طريق التهريب أو الاستيلاء على مواقع الإنتاج دون أن يكون للحكومة وجود.

*أما موارد الإنتاج الزراعي فهي أيضاً منهوبة من جهة تهريب محاصيل الصادر كالفول والسمسم. أو إنها مكبلة بقيود حكومية كصادرات الثروة الحيوانية التي تعاني من الرسوم التي تصل (35) رسماً، ومن تكلفة الإنتاج وضعف البنية التحتية، وانهيار المحاجر والمسالخ وعدم مطابقتها للمواصفات العالمية.

*ولا أعرف أي موارد داخلية يتحدث عنها وزير المالية للرجوع اليها كبديل للدعم الخارجي.

*كان من الممكن أن يكون الاعتماد على الموارد الداخلية هو الأساس وليس البديل.. من أول يوم جلوس د. عبد الله حمدوك على رئاسة مجلس الوزراء جاءته النصائح من خبراء الاقتصاد والمهتمين بالعمليات الإنتاجية بألا يعول على الدعم من الخارج، وأن يتجه الى الموارد الداخلية بتحسين بيئة الإنتاج وحل مشاكله وهي ليست مشاكل مستعصية، وأن يدفع بتحسين سياسات الاستثمار وخلق بيئة جاذبة بالاستفادة من التغيير السياسي وزوال النظام السابق.. وأن يبدأ بالإصلاح الاقتصادي وهيكلة المؤسسات الاقتصادية والمصرفية. لكن الرجل لجأ الى ما ظن أنه الحل الأسهل فاتجه صوب مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية ونحو الدول المانحة، وها نحن اليوم نجني ثمار الضغوط السياسية بالتنصل عن الوعود.

*فيما تبقى من زمن ليت السيد وزير المالية يتجه فعلاً نحو الموارد الداخلية وفق رؤية واضحة المعالم حتى نخرج من أزمة الاعتماد على موارد خارجية ذات شروط سياسية ليست في صالح البلاد.

*وبهذه المناسبة أين هي موازنة العام 2022م!!

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى