تتعدى التوترات الأمنية الجارية في إثيوبيا حدود البلد الأبرز في منطقة القرن الأفريقي إلى دول الجوار، خاصة السودان، حيث تربط السودان بجارته إثيوبيا عديد الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية.
وبعد شهور قليلة من تصاعد الأزمة في إثيوبيا في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، شهد السودان على حدوده الشرقية مع إثيوبيا تدفق نحو 71 ألف لاجئ فار من الحرب، يمكثون في معسكرات اللاجئين التي تعاني من ظروف صعبة وتفتقر لمساعدات إنسانية عاجلة.
وبعد تطور المعارك خلال الأيام الماضية عادت نسبة اللجوء للزيادة. وبحسب مدير مركز استقبال اللاجئين في منطقة حمداييت بشرق السودان، يعقوب محمد يعقوب، فإن التوقعات تشير إلى استمرار تدفق اللاجئين الإثيوبين إلى السودان بشكل كبير خلال الفترة المقبلة بعد تجدد الاشتباكات واندلاع
وأفاد يعقوب في حديث سابق لـ“إرم نيوز“ بأن أعداد اللاجئين الإثيوبيين في السودان تزايدت خلال الفترة الماضية ما بعد الأحداث بمعدل دخول 40 لاجئا إثيوبيا للسودان يوميا.
تصدير النزاع
يرى المحلل السياسي راشد التيجاني أن أي زعزعة لاستقرار دولة جارة للسودان تؤثر عليه من كل الاتجاهات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية.
ودلل التيجاني على ذلك في حديثه لـ ”إرم نيوز“ بالمعركة الحدودية الأخيرة التي جرت الظسبت الماضي بين القوات المسلحة السودانية ومجموعات للجيش والميليشيات الإثيوبية، وقال إن هذا انعكاس لما يدور في إثيوبيا، مشيرا إلى أن واحدة من السياسات المتبعة لدى إثيوبيا تقليل النزاع الداخلي بتصديره للخارج وإحداث مشكلة مع دولة خارجية من أجل تخفيف الضغوط وتوحيد الجبهة الداخلية، مؤكدا أن ما يدور في إثيوبيا من صراع سيضاعف من أعداد اللاجئين الإثيوبيين الفارين من الحرب باتجاه السودان.
تحرك السودان
ومن ناحية أخرى رأى المحلل السياسي عبده مختار ضرورة تحرك الخرطوم لرأب الصدع بين أطراف النزاع في إثيوبيا نظرا لإمكانية تضرره بشكل كبير من استمرار النزاع داخل الجارة.
وقال مختار لـ“إرم نيوز“: ”وفقًا للمشاكل الداخلية التي يواجهها السودان في الوقت الحالي وعدم إمكانية تحركه بشكل مباشر في هذا الاتجاه، يمكن أن يحرك دولا أخرى من أجل التدخل من خلال عقد جلسه طارئة لمجلس الأمن والسلم الأفريقي لمناقشة الأوضاع المتأزمة في إثيوبيا“.
وتجدد الصراع بوتيرة متسارعة خلال الفترة الماضية بين القوات الحكومية وجبهة تحرير تيغراي، وهددت الأخيرة وحلفاؤها بالزحف إلى العاصمة أديس أبابا، في حين وصل رئيس الوزراء آبي أحمد إلى الخطوط الأمامية وباشر قيادة المعارك.
وتشهد العلاقات بين السودان واثيوبيا تدهورا منذ أشهر بسبب النزاع على منطقة الفشقة الحدودية من جانب، فضلا عن الخلاف بين أديس ابابا من جهة، والقاهرة والخرطوم من جهة أخرى بشأن سد النهضة.
عملية مستمرة
بدوره يرى أحمد المفتي، الخبير الدولي في الموارد المائية، والعضو السابق في وفد السودان بمفاوضات سد النهضة، أن أي تأجيل بشأن مفاوضات سد النهضة سيكون في مصلحة إثيوبيا التي قالت من قبل إنها لا تمانع ذلك.
وقال المفتي لـ“إرم نيوز“ إن إثيوبيا الآن مشغوله بنزاعها الداخلي في وقت تستمر فيه بعملية تشييد سد النهضة الذي وصل إلى نسبة 83%، مبينا أن السودان أيضا مشغول داخليا بفعل الإجراءات الأخيرة والعمل على تشكيل حكومة، و“كان على الخرطوم استغلال الظرف الراهن والمطالبة بإيقاف عملية بناء سد النهضة، لكنه لم يفعل، والتشييد مستمر“.
وأواخر الأسبوع الماضي ذكرت وسائل إعلام أن الجيش السوداني قرر إغلاق الحدود المشتركة مع دولة إثيوبيا في منطقة القلابات شرقي البلاد.
ونقلت عن مصادر عسكرية قولها: ”إن توجيهات صدرت من القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح البرهان، بإرسال تعزيزات عسكرية إلى الشريط الحدودي مع إثيوبيا لإحكام السيطرة عليه بعد إغلاقه، ولمنع تدفق الفارين من نيران الحرب المندلعة حاليا في إثيوبيا بين الجيش الإثيوبي بقيادة آبي أحمد، وجبهة تحرير تيغراي“.
وأكد الجيش السوداني، في بيان السبت، مقتل عدد من عناصره بعد تعرض قواته المتواجدة في الفشقة الصغرى ”لاعتداء وهجوم من مجموعات للجيش والميليشيات الإثيوبية“، مشيرا إلى أن قواته ”تصدت للهجوم بكل بسالة وكبدتهم خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات“.
إرم نيوز