لقدكذب علينا أهل القانون والعدالة عقودًا من الزمن بوعي أو دون وعي بأن ضمانةالمرأة الشخصية للمتهمين في قضايا جنائية غير معتمدة، وطبعًا لميسأل أحد لماذا حتى النساء أنفسهن لكثرة قضاياهن المصيرية الأكثر إلحاحًا،ودائمًا ما تكشف الأيام والأحداث حقيقة كل زيف في القانونكان يخصم من حق المرأة، وها هي المعلومة القانونية الخاطئة بأن ضمانة المرأة في القضايا القانونية غير معتمدة تسقط، فقد اتضحأن الأمر ليس له علاقة بالقانون،وإنمامرتبط بعقلية الرجل السوداني الذي ينسياق خلف الأعراف والقيم الاجتماعية التي تقلل من شأن المرأة، وتحجم أي دور يعتقد أنه حصري عليه ويدعمونهذا الخط بوعي أو دون وعي، المتعلم والجاهل على حد سواء .
خدعة عدم اعتماد ضمانة المراة،جعل االصحفية خديجة الدويحي تسعىلمعرفة أصل الحكاية بعدما رفض وكيل النيابةضمانة شقيقتها في بلاغ ضدها،وقال لها قول الواثق من نفسه والخبير بالقانون إنه لن تضمنها امرأة ولو جاءت باثنتان،وبالاستفسار عن الأمر من وزارةالعدل جاء الرد أنه لا يوجد نص قانوني أو فقهييمنع ضمانة المرأة،وإنمااشترط القانون أهلية الضامن ولم يذكر النوع ذكرًا أو أنثى،وحقيقة هنا أعيد سؤال الزميل ميسرة السراج الذي سرد فيعموده المقروء مناظيرقصة خديجة التي أوصلتنا إلىكشف حقيقة الخدعة، وختمبسؤال مهمجدًا وهو، على أي قانون أو منشور يعتمد العاملون في النيابات وأقسام الشرطة في رفض ضمانة المرأة؟!، والحق يقال هذا إن دل إنما يدل على عدم تفقهم في القوانين.
الذين مروروا خدعة عدم اعتماد ضمانة المرأة، هم أهل القانون والعدالة،وهم بهذا لا يظلمون المرأة فقط؛ بل ظلموا حتى الرجال الذين هم أكثر وقعوعًا في القضايا الجنائية،فكثيرا ما لا يجد البعض رجلًا يثق فيهم يتحمل مسؤولية الضمانة في الوقت الذي يكون هناك عدد من النساء مستعدات للأمر لأسباب كثيرة،ولا أعتقد أن من تضمنه امرأة سيغدر بها ويهرب ويجعلها تتحمل النتيجة؛ فهذا موقف سيلغي رجولته تمامًا أمام الناس، وحقيقة عشت هذه التجربة كثيرًا مع زميلات وصديقات وغيرهن ومررت بها شخصيًا أيضًا،ياما شفنا رجال مقهورين في انتظار رجل يضمنهم في قضايا أحيانًا بسيطة.
ما أثار حيرتي هو عدم انتباه القانونيات لهذهالخدعة رغم أنهن ثرن على كثير من القوانين،ورغم أنهن تبوأن مراكز مرموقة في كل الأجهزة الشرطية والعدلية،وهن بهذا ساهمن في عملية تجهيل المجتمع بحقيقة قانونية مهمة.
عمومًا عدم اعتماد ضمانة المرأةيكشف أن دولتنا هذه تعاني من مشكلة كبيرة تؤثر على الوعي القانوني للشعب،ولا أعتقد أنها المعلومةالقانونية الوحيدة التي صدقها المجتمع وانطلت عليه،وبهذا تكون المؤسسات القانونية نفسها تساعد على دعمالأعراف التقليدية التي يسعى القانونلمحاربتها .