غير مصنف

زهير السراج يكتب : إلى من يهمه الأمر!

يُروى عن احد الظرفاء انه ركب قطارا مظلما في ليلة حالكة السواد وهو يحمل شنطة حديد فوضعها فوق مسافر طويل القامة كان راقدا فوق أرضية القطار بدون ان يراه، فصاح فيه المسافر غاضبا، فرفع صاحبنا الشنطة ووضعها في مكان آخر، ومرة أخرى صاح المسافر غاضبا لان الراكب وضع فوقه الشنطة مرة اخرى، وتكرر الموقف عدة مرات، وهنا صاح فيه الراكب: “يا زول أنت شتتوك؟”

يعشق الكثيرون (التشتت) بين عدة مؤسسات وإدارات ولا يكتفون بإدارة مؤسساتهم أو إداراتهم أو وزاراتهم فقط، وكأن البلد لم تنجب غيرهم، وهى ظاهرة منتشرة بشكل كثيف فى أروقة الدولة، وارتبطت بشكل خاص بالنظام البائد حيث كان الكثيرون يجمعون بين عضوية المنصب الحكومى الرسمى والعديد من مجالس الادارات بالاضافة الى المنصب الحزبى وعدة مناصب فى اندية الكرة ومنظمات المجتمع المدنى والمنظمات الشعبية الأخرى، ولا أدرى من أين كانوا يأتون بكل تلك الطاقة والوقت، ولكن كما يُقال .. (الفلوس تحيى النفوس)!

يظن البعض ان الله قد وضع فيهم الحكمة وحدهم دون غيرهم من خلق الله، ويتصرفون على هذا الأساس، يدير الواحد منهم الوزارة كأنها مملكة خاصة له، هو الآمر الناهي، وهو من يقترح ويوصى، ومن ويسأل ويجيب .. إلخ، ولا يسمح لاحد سواه ان يشاركه السلطة والنفوذ، ولا يشبع بمنصب الوزير فقط، بل يهيمن على مناصب الوزارة بالكامل، فتجده يشغل منصب وزير الدولة والوكيل ونائب الوكيل والمدراء ورؤساء الأقسام .. الى آخر قائمة الوظائف !!

وعندما يكون موجودا بالوزارة فهو وحده الذى يقرر ويمضى ويختم، ويمنح ويمنع، وبسبب هذه الميزة العجيبة يتعطل دولاب العمل عدة ايام أو اسابيع وأحيانا شهور، لأنه ليس بمقدور شخص واحد أن يفعل كل شئ، فما بالك إذا كان عضوا فى عدة مجالس إدارات بالاضافة الى منصبه الحزبى والمناصب الأخرى التى يتشرف بتحمل أعبائها، أما إذا غاب هذا السيوبرمان، فإن العمل يتوقف بالكامل، لأنه لا يسمح لأحد أن يفعل شيئا فى غيابه !!

هذه الحكمة الربانية الحصرية ليست وقفا على الوزراء فقط، فالكثير من المدراء ورؤساء الأقسام والباشكتبة وحتى السكرتيرات وموظفى الإستقبال يعتقدون أن الحكمة ملك حر لهم وحدهم فقط، ويتصرفون على هذا الأساس !!

بعض السكرتيرات عندما يغبن او يتغيبن عن العمل لأى سبب من الأسباب، يأخذن مفاتيح الأدراج معهن، ولأن البيه المدير الولهان لا يثق فى سكرتيرة غير سكرتيرته المخلصة، فهو لا يشغل نفسه كثيرا بهذه الأدراج المغلقة وتعطل دولاب العمل، بل وفى كثير من الأحيان يتضامن مع سكرتيرته ويشاطرها الغياب حتى يقيض الله لسيادتها العودة ظافرة مظفرة، فيظهر المدير أخيرا وهو يكابد الشوق وآلام الفراق !!

أنظر حولك، ستجد الكثير جدا من الشخصيات (المشتتة)، غفير مركب مكنة مدير، ومدير مركب مكنة وزير، ووزير مركب مكنة والى، ووالى مركب مكنة رئيس مجلس سيادة، وربما تكون أنت نفسك مركب مكنة 12 بستم وحارق جاز وحارق دمك ودم خلق الله، ونصيحتى لك .. حاول تتلمَ شوية، وأراهن أنك لن تنجح لانك تعودت على التشتت فى وطن المتشتتين ولا تستطيع العيش بدون أن تتشتت!

ولكن اعمل حسابك، فلكل بداية نهاية، وحتما ستتحول الى حديد خردة في يوم من الايام .. مجرد حديد خردة، ولن يكون مصيرك سوى الفرم!

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى