مقالات

شيماء سعد تكتب : الجليل.. رجل من الزمن الجميل

الخرطوم – الراي السوداني

في الايام المنصرمة حُظيت برحلة عمل لشرقِ السودان بالتحديد درة الشرق كسلا ، شددنا الرحال لأرض التاكا فكنا محظوظين بتزامن رحلتنا مع فصل الخريف، فقد كانت صدفة غير مرتبة لها ، وعند وصولنا ما بين رزاز المطر والنسيم العليل (الهمبريب) الذى كان في إستقبالنا ظهر رجل من بعيد يلوح لنا ويسرع في خطواتهِ للسلام علينا وكأنما أحدهم يستقبل أخيه او ابيه او محبوبه بولهٍ، كل هذا الاحساس ونحن لم نرى بعضنا من قبل ، هذه الشخصية عزيزي القارئ رمز للطيبة والشهامة وجمال الروح ، ذلك الجمال الذى طغى على كل شى فيه فأصبح كل من يراهُ يحبهُ في الله ، رجل ان ذهبت معه في طريق ستتأخر ساعات عن موعدك بسبب الناس الذين يوقفونهُ في الطريق فهذا يوقفهُ للسلام عليه وذاك لديه إستشاره وآخر في حوجةٍ له رجلاً وهب حياته للناس ، رجلاً من الزمن الجميل فعندما تراه او تجلس بجانبه تشعر وكأنما يفيض حباً وحناناً فتصيبك عدوة الحب وتجد نفسك لا شعورياً تربطك به علاقة وجدانيه ، رجلاً من طراز نادر من زمان آخر ، انه الجليل ( عبدالجليل محمد عبدالجليل ) أو كما يحلو لي ولاهل كسلا العم عبدالجليل ،
العم عبدالجليل نهل من كل ضروب الابداع ما نهل ، فهو اعلامي عمل بالإذاعة السودانية، ومراسل لعدد من الصحف الورقيه، رجل مثقف زاخر بالمعلومات الثقافية والفنية خاصة عن كسلا كيف لا وهو ابن سرحتها الذي غنى بها، تجمعه علاقات صداقة مع معظم مبدعي كسلا امثال التاج مكي ، عبدالعظيم حركه.. الخ
لم يفارقنا العم عبدالجليل طوال رحلتنا وظل يتحدثنا بشغف عن كسلا واهلها_ هذا المكان كان يجلس فيه فلان وتلك الشجرة كانت ملاذ فلان وذلك منزل فلان ..الخ ، يالحظ كسلا بحب عم عبدالجليل.ويالحظ عبدالجليل بكسلا واهلها.
من طرائف عم عبدالجليل كنا نسير فى الطريق وعند مرورنا بمنزل رئيس جمهورية الحب اسحق الحلنقي قال لي : ( شوفي يا بت يا شيماء الشجرة الرامية فوق بيت الحلنقي شجرة نيمه ما عنبة )، وكان الحلنقى قد كتب فيه اغنيته التي ملأت شهرتها الآفاق ( لو مغالطنا ما مصدقنا اسأل العنبة الراميه فوق بيتنا ) وقد اتضح لي انها لم تكن عنبه بل نيمه لكن عين الشاعر ترى بزواية اخرى ، كنت أطرب جداً للحديث مع العم عبدالجليل في الصباح الباكر تحت الشجرة ونحن نحتسى فنجان القهوة معاً ، حيث يبدأ حديثه قائلاً ( عارفة يا بت يا شيماء ..الخ) فأجد الحنية في صوته واسلوبه انه يذكرني جدي رحمة الله عليه ، عم عبدالجليل ايقونة للرجل السوداني بطيبتهِ وخصالهِ وطيب اصله رجلاً تعجز الاحرف عن التعبير عنه تتلعثم الالسنه وتتخبط الكلمات عند وصفه يكفى انه الجليل عبدالجليل.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى