مقالات

بالقلم الأخضر

الراى السودانى

(1 )
(مبادرة) حمدوك في يوم الثلاثاء 22 يونيو المنصرم وضعناها بين قوسين لاننا تحفظنا على كلمة مبادرة وقلنا إن اي مبادرة ينبغي أن تحتوي خطوات واجبة التنفيذ ولكن هذا لايقلل من شانها ويكفي انها اسهمت في تشكيل الاحداث التي حدثت بعدها كما اسهبنا في ذلك طوال هذين الاسبوعين هذه المبادرة (خطأ شائع خير من صحيح مهجور) ضربت في اتجاهات عدة ومن ضمن تداعياتها اجتماع مجلس الوزراء الموقر في اكاديمية الامن العليا في ضاحية سوبا لمدة ثلاثة ايام ولعل الغرض من الاجتماع كان واضحا وهو تحويل المبادرة الي برنامج عمل (اضافة هين دقيق للمديدة لتتحول الي عصيدة) وبالفعل اصدر المجلس عدة قرارات اقتصادية بصفته الجهة التنفيذية العليا وسياسية بصفته الشريك في النواحي التشريعية ومن القرارات المهمة قرار صدر من ذلك الاجتماع هو تخفيض الإنفاق الحكومي وفي تقديري أن هذا القرار كان يمكن أن يكون بمثابة الدخان الابيض لهذا الاجتماع (الاشارة هنا لاجتماع الكردالة المغلق لاختيار البابا) لو احسنت صياغته
(2)
من اكثر الاشياء التي كان يأخذها الشعب على نظام الانقاذ المنتهي الصرف الحكومي وهو باختصار تحويل الوظيفة الدستورية وهي وظيفة لاتحكمها مؤهلات اكاديمية او قواعد عامة الي مصدر للثراء فاصبح الفوز بها يقابل بالتهاني والطبول والذبائح والثراء ليس من الراتب فقط انما بالنفوذ الذي يمكن من (الهبر والملي) والاسوأ أن السعي للوظيفة الدستورية كان يتم بسبل شتى منها القبلية والجهوية والعنصرية والرشوة والمحسوبية واسوأ نتجية حدثت في هذا الامر هي انتهاء القدوة في الشخص الدستوري فأصبحت تصرفاتهم مستفزة لبقية الشعب وفي تقديري أن هذه واحدة من اسباب شمول ثورة ديسمبر المجيدة فثورتا اكتوبر 1964 وابريل 1985 كانتا ذات طابع نخبوي لانه ليس فيهما حقد شخصي على الحاكمين بينما ثورة ديسمبر 2018 كانت الناس تشير فيها بالاصابع للذين اغتنوا بفضل التوظيف الدستوري في الحكومة . لقد فعلت الانقاذ ما فعلت من باب الترضيات والمحاصصات لانها تبحث عن الشرعية باي ثمن.
(3 )
للاسف الشديد لم يتلفت القائمون على الوثيقة الدستورية التي يفترض أن تحكم الفترة الانتقالية لامر الإنفاق الحكومي والصرف على الوظيفة الدستورية فنزل الحكام الجدد (الرؤساء الاربعة عشر والوزراء وحكام الولايات بعض كباتن الخدمة المدنية ومازال الحبل على الجرار) في نفس منازل الحكام القدامى نفس البيوت بعد صيانتها بالمليارات ونفس العربات التي تم تجديد بعضها ونفس المرتبات (بعضهم بالعملة الصعبة) ونفس النفوذ وكل شيء الخالق الناطق . نعم قد لا تشكل هذه الاشياء نسبة كبيرة من مجمل الإنفاق العام لكنها تعدم القدوة واهمية القدوة ترجع الى انها من اهم ادوات الاصلاح والتغيير فالقوانين والنظم التي تحكم الصرف على الوظيفة الدستورية يمكن التحايل عليها لكن القدورة تتنزل الى القواعد بدون اي اعباء قانونية فلو وفر الحكام في قمة الهرم دولارا واحدا اقتدى بهم من كان تحتهم مباشرة فعندما يتنزل الامر الى القواعد سوف يحسب ما تم توفيره بالملايين والعكس تماما اذا كانت شيمة القائد الصرف والبذخ . لذلك كم تمنينا أن يولي مجلس الوزراء هذا الامر اهمية اكبر وصدقية اكبر وقرارات اكثر وضوحا واكثر نجاعة حتى يشعر الشعب بانه لا يعاني وحده انما حكامه كذلك ماشين على الحديدة . اما الإنفاق الحكومي ما دون الحكام من بنزين ومخصصات وبدل سفريات لكبار رجالات الخدمة المدنية والعسكرية فأحسن نسكت ساكت.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى