الخرطوم الرأي السوداني
كان سيكون تعبيرا منضبطا لو ان الشرطة قد قاطعت لقاء السيد وزير الداخلية من أساسه وجاء الوزير ووجد المكان خلاء وكانت الرسالة ستكون أوقع لو ان أفراد وضباط الشرطة قد انصرفوا في تشكيلات عسكرية من خلال سير طابور منضبط بمجرد بدء السيد وزير الداخلية كلمته!
اي أسلوب وسلوك آخر غير الذي تم كان سيكون انسب للشرطة كمؤسسة عسكرية نظامية ذات تاريخ طويل وعريض في الانضباط والالتزام ولكن ما الذي أوصل الشرطة ما وصلت إليه ؟!
ما الذي أوصل أفراد وضابط واحدة من أعرق المؤسسات الوطنية النظامية حتى يحتجون بطريقة أقرب لمتظاهري الشوارع ومشاغبي الملاعب ؟!
ان الشرطة بما أصبحت عليه اليوم ضحية المجتمع وضحية سياسات الدولة في هذا الزمان السوداني الغريب !
الشرطة أولا ضحية صورة ذهنية رسمت لها وهي (تجري)أمام (كنداكة)وليس حتى (شفاتي)والشرطة ضحية قوات أخرى تلبس زيها وتضرب وتقتل بشكلها وتتخلص من لبسها في أقرب مكان!
والشرطة ضحية سياسة تجري على قدم وساق لإنشاء جهاز للأمن الداخلي يقوم مقامها وينفذ مهامها وتسقط هي بس!
والشرطة ضحية دولة جعلت من رواتب منسوبيها هي الأدنى في الخدمة العامة ووضعت منسوبيها بذلك أمام واحد من خيارات ثلاث أما الموت جوعا او قبول الرشوة او الخروج بالباب الذي يفوت الجمل !
ان معالجة حالة الشرطة الراهنة طويلة ومعقدة وآخرها هي المعالجة المادية وهي معالجة في مجملها لا يبدو ان هناك أحد حريص عليها ولا حريص على الشرطة اليوم !
لقد تمكنوا من الشرطة – يا سادة – من خلال الاستهتار والاستحقار والاستهداف وان كانت ثمة صيحة قبل فوات الأوان فهي حصلوا الشرطة والحقوا الجيش فالمنهج واحد والمنهج واضح وهو تفكيك القوات النظامية أولا!
ان ما وصل أفراد وضباط من الجيش غدا الى وصلت إليه الشرطة اليوم فعلينا الاستعداد لخوض تجربة طويلة ومريرة تكون تجارب العراق وليبيا واليمن والصومال امامها أقرب للمناظر والفيلم في السودان!
لقد عبرت الجزائر و مصر وسوريا وعبرت حتى مالي لأنها حافظت على جيوشها وعلى قواتها النظامية والعاقل من اتعظ بغيره والجاهل من ظن الأشياء هي الأشياء !
وغدا نحدثكم عن جهاز المخابرات العامة و الذي استضاف على مدى ايام ثلاث مجلس الوزراء في مبانيه (اكاديمية الأمن العليا) وخرج منها المجلس بقرار (تشليع) الجهاز!