مقالات

ضياء الدين بلال: مَن يُهَرِّب الذَّهب؟!

الراى السودانى

تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي، تفاصيل مُواجهة عاصفة، بين قيادة الجمارك ومدير شركة بدر للطيران.

كانت البداية؛ زيارة مُفاجئة لوفدٍ وزاري رفيعٍ إلى مطار الخرطوم، للوقوف على الأحوال والأوضاع.أثناء استفسارات الوفد الوزاري، بدأت إفادات مسؤولي المطار تتّجه نحو اتّهام شركة بدر للطيران بتهريب الذهب، وذكر شواهد على ذلك..!لم تكتمل الإفادات وتجف السطور، فإذا بمدير الشركة أحمد أبو شعيرة يقف ضمن الحُضُور، ليأتي رَدّه ملقياً بكرة اللهب في ملعب جهات الاختصاص في مطار الخرطوم.

-٢-

تناقلت المواقع الصحفية هذه الرواية:بَدَا على وزير الداخلية الغضب، خلال حديثه مع المسؤولين في المطار، بحضور المدير العام للجمارك، وتحميله مسؤولية التهريب لشركة بدر للطيران.تواصل الرواية الصحفية:تغيّر انطباع الوزير بعد حضور أحمد أبو شعيرة، مدير طيران بدر، أثناء حديث الوزير.حيث كشف أبو شعيرة للوزير، التفاصيل الدقيقة التي لا يعرفها، ولم يتم اطّلاعه عليها من مسؤولي المطار.ورفض أبو شعيرة تحميل ما يحدث في تهريب الذهب إلى شركة بدر، واستدل على ذلك بأكثر من حادثةٍ تمّ اكتشافها بواسطة شركة بدر، وأفراد الأمن العاملين في الشركة.كما أوضح للوزير، نماذج من التهريب والذي يتم بواسطة أفراد من جمارك المطار، وضرب مثلاً في ذلك بالقضية التي تحوّلت للمحكمة واكتشفها أحد أفراد الأمن في شركة بدر، والمُتّهم فيها فردٌ من الجمارك، وجد الحماية من ضباط في الجمارك بصوره او بأخرىوحادثةٌ أخرى تم فيها اكتشاف صعود أحد أفراد الجمارك للطائرة، بلا داعٍ وبعد صُعُوده تم اكتشاف كمية من الذهب كانت تحت أحد المقاعد..!؟

-٣-

بذلك تصبح المُعادلة على هذا النحو:اتّهامات من إدارة المطار لشركة بدر بتهريب الذهب، في مقابل أخرى، اتّهامات مضادة من الشركة تحمل شواهد ووقائع.حتى تتّضح الصورة في كمالها وحقيقتها، علينا طرح الأسئلة الآتية:ما هي الجهة المسؤولة عن منع التهريب وتأمين الطائرات، من كل أنواع الاختراقات؟!بكل تأكيد هي سلطات أمن الطيران ، تحت رقابة سلطة الطيران المدني ، ودورهما معا، حماية الطائرات والمنشآت داخل المطار .بافتراض صحة الاتّهامات المُوجّهة لشركة بدر:كيف تسمح الجهات الأمنية ، لشركة خاصة بإدخال ممنوعات “ذهب أو مُخدّرات أو مُتفجِّرات” داخل الطائرة؟!حق التفتيش في المطار مخول به سلطات امن الطيران والجمارك فقط .وليس لشركات الطيران اي سلطة في تفتيش اي راكب او موظف يدخل المطار او يصعد إلى الطائرة .أما السؤال الأهم:إذا كانت سُلطات المطار تملك أَدِلّة وبراهين على دور شركة في تهريب ممنوعات، لماذا لم يتم فتح بلاغات ضدها؟!

-٤-

بعد تجميع الإجابات أعلاه، ستصبح الحقيقة الواضحة دون لَبسٍ أو غُمُوضٍ:هنالك ثغراتٌ كُبرى بالمطار، تسمح بوصول ما يُراد تهريبه، ذهباً أو غيره، لداخل الطائرات..!

هذا مربط الفرس وزيت الحقيقة على تعبير شباب اليوم..!

-٥-

مَن ينكر هذه الحقيقة؟!!

مطار الخرطوم يُعاني هشاشة أمنية، وتسيُّبا إداريا، لا مثيل لهما في المطارات الدولية.تخلُّف في تقنية المُراقبة، وتعدُّد في جهات الحماية، أبواب مُتعدِّدة تسمح بوصول أيِّ شئ داخل الطائرات..!سبق وأشرت في مقال سابق، لضعف أسوار المطار (أي زول داير يتلِّب مُمكن يتلِّب)، وهذا ما حدث عند نقل جثمان الراحل محمود عبد العزيز.قبل سنوات قلائل ،سرب من الصقور تسبب في سقوط طائرة في مطار الخرطوم ، ومازلت بعض الغربان تسرح حول المطار، وقد تتسبب مرة أخرى في سقوط طائرات في المستقبل.

ما يحدث من سرقات بالمطار لحقائب القادمين لا يحدث في أيِّ مطار آخر في مُحيطنا الإقليمي..!

-٧-

قبل أكثر من عامين، تلقَّيتُ رسالةً من قارئ، بالاسم والعنوان ورقم الرحلة، قال إنه وستة آخرين، فُوجئوا بحقائبهم مُمزَّقة، وسُرِقَتْ منها “موبايلات وساعات وملابس” بمطار الخرطوم، وكان بين الركاب الذين تمَّ السطو على أمتعتهم مواطنٌ خليجي.اشتكوا وقتذاك لمسؤولٍ في المطار، وكان ردُّ المسؤول على الاعتياد وبرود الروتين، أن عدداً من الرُّكاب غيرهم، قد تعرَّضوا للسطو، وأنهم سيُكوِّنون لجنةً لمحاسبة المُقصِّرين..!-٨-لولا حادثة قتل العاملين بالمطار وتعذيبهم، لما عرفت السلطات

– لا أقول الثغرة الأمنية –

الفجوة الكبرى؛ إذ أن الشحنة موضوع النزاع الذي ترتَّب عليه التعذيب والقتل، كانت هي الشحنة الثالثة..!وكان معروف مكان اكتشافها، وموقع مسؤلية الجهة المشرفة، حينها !؟من تلك الحادثة المأساوية، وضح كيف يُهرَّبُ 90% من الذهب السوداني، ولماذا يتصاعدُ سعر الدولار ولا يتوقَّف انهيار الجنيه..؟!

– أخيراً –

من الواضح أن هذه العمليات الجريئة لا يقوم بها فردٌ أو فردان؛ ولا تُردُّ لجهة بعينها (بدر أو الجمارك).

الوقائع والشواهد تُؤكِّد وجود عمل جماعي مُنظَّم من مجموعة أفراد، ينتمون لجهات عديدة، هم من يقومون بتهريب الذهب، أثناء نوم السلطات في العسل.

نعم ، دعوا بدر تحلقا عاليا، وابحثوا عن منافذ التهريب في الأرض وعلى الأبواب وعبر الأسوار ..!

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى