مقالات

أحمد يوسف التاي يكتب: لم يبق إلا «قيقم» و«العَرْضَة» (2ـ 2)

الراى السودانى

(1)
خلصنا أمس إلى أن الدجالين والمنافقين ، وبعض أهل السياسة وحتى المحتلين والمستعمرين يدخلون لاستمالة الناس من بوابة الدين ، واوردنا أمثلة لحملة نابليون بونابرت لاحتلال مصر ، وحملة كتنشنر لاحتلال السوداني وكيف كان تقرُب المحتلين لأهل الطرق الصوفية ورجال الدين، وأشرنا إلى خطابات البشير لأهل الطرق الصوفية وزيارته لـ (المسائد)، وعلى إثره جاء حمدوك وجبريل … ولعلنا نذكر في هذا المقام السباق المحموم بين سفراء أمريكيين وبريطانيين قبل بضع سنين في مضمار زيارات أهل الطرق الصوفية، وكله سياسة ولا بأس في ذلك إذا اتسم هذا العمل بالصدق، ولكن للأسف معظم الذين يأتون عبر مدخل الدين ، يسرقون وينهبون ويغتصبون الأرض ويدوسون على قيم الدين ومبادئه وعدالته وأخلاقه ، ووعي الناس يفضح كل ذلك والذواكر الجمعية والفردية تحتفظ بالكثير عبر التأريخ الطويل في تجارب الحُكم والسلطان.. وليس بعيداً عن كل ذلك حديث نائب رئيس المجلس السيادي محمد حمدان «حميدتي» أمس الأول وخلال إفطاره مع رجال الطرق الصوفية والإدارة الأهلية حيث انتقد مبدأ العلمانية، مؤكداً أنه لن يجامل في الدين أو يلعب به… ومن قبلهم جميعاً إعلان رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان: (أن الدين خط أحمر) ثم عاد ووقع مع الحلو على مبدأ فصل الدين عن الدولة…


(2)
كثير من اليساريين السودانيين يحترمون الدين الإسلامي وشعائره وبعضهم يمارس هذه الشعائر بإخلاص وصدق إلا أن قلة منهم تزدري الدين وشعائره بغباء وجهل وهؤلاء هم الكوارث…. كثير من التيارات الإسلامية تستغل الدين لأغراض السياسة وتحقيق بعض المكاسب وترفع شعار الدفاع عن الدين ، والفئة القليلة من اليساريين الأغبياء التي تزدري الدين تفتح الطريق أمام هؤلاء لتوظيف الدين لتحقيق غاياتهم الحزبية وتعطيهم أكثر من مبرر للحديث عن «مؤامرات» لهدم الدين والاصطفاف السياسي والديني… وبهذا نستطيع القول إن كل البلاء يخرج من قلة اليساريين الأغبياء الجهلة الذين يرون في ازدراء الدين هو كيد للمؤتمر الوطني ، أرأيتم كم هو حجم ومستوى الجهل والغباء… وهنا تحضرني حكاية الاجتماع الذي عُقد في إحدى محليات ولاية سنار بعد الثورة والذي سبق أن كتبتُ عنه حيث علق أحد الشباب «الطائشين» على الاستهلال بالقرآن قائلاً : (حركات ناس المؤتمر الوطني دي خلونا منها)… هذه القلة الجاهلة الفاسقة هي التي تؤسس أرضية صلبة للذين يسعون لتوظيف الدين واستغلاله لتحقيق أجندة ومكاسب سياسية وحزبية وتعطيهم الفرصة كاملة… احذروا الفئتين من الذين يزدرون الدين والذين يستغلونه لأغراض السياسة فكلاهما عدو فاحذروهم قاتلهم الله أنى يؤفكون.


(3)
رجال الحكومة الانتقالية الذين تسابقوا إلى زيارات أهل الطرق الصوفية وحثوهم على حماية الدين والمحافظة عليه، سيظل حديثهم مجرد مناورة وخطب لود الطرق الصوفية ورجال الدين طالما أنهم هم الذين أجازوا قوانين تتقاطع مع مبادئ وتعاليم الدين الإسلامي وهديه، فما الذي يرمي إليه حمدوك وجبريل من دعوة الطرق الصوفية لحماية الدين والمحافظة عليه والدفاع عنه وهم قد أجازوا قوانين تتقاطع مع الشريعة، ووقعوا اتفاقيات تُبعد الدين عن حياة الناس، وصادقوا على معاهدات تتعارض مع الدين … (ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماءِ)…دي بقت على أهلنا ناس الطرق الصوفية ، الدولة هي التي ترعى ديانات الناس وعقائدهم وتتعهد بحمايتها من الاضطهاد والتضييق والانتقاص وتكفل لها الحرية قولاً وفعلاً، لا أن تفعل ما يتوافق مع رغبات وأمزجة القلة على حساب الكثرة..…اللهم هذا قسمي فيما أملك…


نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.

صحيفة السوداني

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى