الراى السودانى
ومن أخبار السودان بالخارج، بحضور وزير الطيران المدني المصري محمد منار ونائب سفير السودان بالقاهرة خالد الشيخ، تم توقيع مذكرة تفاهم بين شركة الخطوط الجوية السودانية (سودانير) ومصر للطيران.. وتشمل المذكرة البنود الآتي نصّها: تدريب العاملين بسودانير بواسطة مصر للطيران في مجال قيادة الطائرات والضيافة الجوية، ثم تشارك مصر للطيران في تحديث أسطول سودانير و.. أشياء أخرى..!!
:: مثل هذه المذكرات، إن كانت ذات جدوى، كان يجب أن يتم الاتفاق على بنودها برعاية وتوقيع وزيري النقل والطيران بحكومتي البلدين، وليس فقط برعاية وتوقيع وزير ونائب سفير.. وليس من المؤسسية أن يكون وزير النقل بالسودان آخر من يعلم ما يحدث في الناقل الوطني، وليس من المؤسسية أن يفعل نائب السفير ما يشاء، لحد التوقيع على مذكرات واتفاقيات..!!
:: ثم السؤال المشروع، ما مصلحة مصر للطيران لتساهم في تطوير سودانير وتحديث أسطولها؟.. قد لا يعلم نائب السفير أن مصر للطيران إحدى شركات الطيران المنافسة لسودانير، ليس في أفريقيا والعالم العربي فحسب، بل في السودان أيضاً.. عندما كانت لسودانير رحلة واحدة إلى القاهرة يومياً، كانت لمصر للطيران ثلاث رحلات إلى الخرطوم يومياً، وذلك طوال السنوات الماضية، وحتى قبل أسابيع..!!
:: مصر للطيران أولى الشركات التي حصدت ثمار سياسة تحرير الأجواء بالسودان، وهي سياسة تعني أن التحليق في سماء السودان للأقوى والأجود، وأن للمواطن حرية اختيار طائرته، حسب أسعار وجودة الخدمات.. وبالجودة رفعت مصر للطيران عدد رحلاتها من واحدة إلى ثلاث.. ومصر للطيران غير مُلامة على هذه السيطرة، بل هكذا يجب أن يُدار كل اقتصاد البلد، أي بالتحرير الكامل الذي يُشجِّع الشركات – الوطنية والأجنبية – على المنافسة بالجودة والسعر..!!
:: وعليه، فإن لمصر للطيران حق استغلال سياسة تحرير الأجواء، وذلك بتوسيع وتطوير نشاطها التجاري بالسودان، ومن المُدهش أن يلجأ إليها مسؤول سوداني لتطوير سودانير وتحديث أسطولها.. فاللاعب لا يحرز الأهداف في مرماه، لينتصر الخصم، ولو فعل ذلك يكون غبياً أو مبيوعاً، ومصر للطيران ليست غبية ولا يمكن شراء ذمم قيادتها، بحيث تحرز الأهداف في مرماها، لصالح سودانير..!!
:: وكما كتبت كثيراً، فمع الالتزام بسياسة تحرير الأجواء، يجب خلق سياسة اقتصادية تُساهم في تطوير كل شركات الطيران الوطنية، بما فيها سودانير، لتنافس مصر للطيران وغيرها من الشركات الأجنبية.. وغير سودانير، بالبلد شركات طيران وطنية أخرى ذات كفاءة، وقادرة على التنافس والتحليق في الفضاءات العربية والأفريقية والعالمية لو وجدت دعم الدولة ورعايتها..!!
:: وكل دول العالم – بما فيها مصر التي تبحثون فيها مفاتيح تطوير سودانير – لا تعامل شركاتها الوطنية بذات تعاملها للشركات الأجنبية، إذ لشركاتها امتيازات خاصة، وهي التي تفتقدها الشركات الوطنية في بلادنا.. وعلى سبيل المثال، ليس من السياسة الاقتصادية الراشدة أن تبيع المؤسسة العامة للبترول وشركاتها جالون الوقود للشركات الوطنية بذات الأسعار التي تبيع بها للشركات الأجنبية..!!
:: وليس من السياسة الاقتصادية الراشدة أن تفرض سلطة الطيران المدني، رسوماً على الشركة الوطنية بذات القيمة التي تفرضها على الشركات الأجنبية.. والمُؤلم، رغم تحرير سعر الصرف، لا تزال شركات وقود الطائرات تُطالب الشركات الوطنية سداد فواتير الوقود بالدولار وليس بالجنيه، علماً بأن الشركات الوطنية تبيع تذاكرها بالجنيه وليس بالدولار.. وعليه، مفاتيح تطوير سودانير وغيرها من مؤسسات الدولة بالداخل، وليس بالخارج..!!
الطاهر ساتي
صحيفة الصيحة