الراى السودانى
جميل أيام الطفولة والصبا كانت فصولها بملهمتي الكلاكلة الوحدة بين أهلي واحبابي وذكريات باقية ، دورة الأيام و السنوات فرضت هجر ديار المحبوب والرحيل لضاحية جبرة شمالا فبقيت متلازمة الوجد والشوق تدغدغ الدواخل فتهيم اطياف الذكرى على اطلالها ومسامرة جلسائها ، فضاحية جبرة رغم صخبها كانت بمثابة السجون فغابات الأسمنت جامدة بلا حراك ولا ناس عكس حديقة الكلاكلة بين بيوت الجالوص والسقف البلدي كانت تشع نورا (من بابو من شباكو بلمع ألف نور تلقي الحبيبة بتشتغل منديل حريرلحبيب بعيد . .) والدي المرحوم عبدالرحيم المسيك رجلا لله دره من أعيان الكلاكله عمل على خدمة الناس والسنوات تستدير أربعون عاما والعطش يضرب البيوت كان المسيك يمتلك عربة قلاب يجمع بها مواعين الأهالي من البراميل والجركانات والجرادل يتجه بها نحو بحر اللقبة لملئها بالمياة وما أن يعود قلاب المسيك يستقبل استقبال الفاتحين تخرج نساء الحلة بالفرح والزغاريد لاستلام المياة .
صديقي المهندس إبراهيم ودكرار رشح بعد الثورة لتولي وزارة البنى التحية بالخرطوم فكان متعزرا فالرجل جودا بعمل الخير متبرعا ببناء مئذنة مسجد الحي وحين ظهر اسمه ضمن حكومة قحت داعبته (بالله إنت راجل مصلي تبع الناس ديل) فاجابني ضاحكا برد أهله الرباطاب (ناسكم بصلوا وبضربوا أخير نحن ) انفض سامر الحديث وتشرفنا بدعوة زواج كريمته بمنزله بضاحية يثرب بالخرطوم عرجنا عليه ليلة المناسبة للمؤازرة وجدنا الجميع مسرعي الخطى ليس لذبح التور او تركيب الصيوان كانوا يبحثون عن جرادل وبراميل المياة فقد نفدت كل المياة التى أحضرت بالكارو الذى وصلت عربته 5 مليون فالمياة مقطوعة عن المنطقة أكثر من اسبوعين ، يرفع آذان المغرب فلا ماء للوضوء والناس فى انتظار تانكر المياة الذي بلغ 30 مليون ، يصطف الناس للصلاة وشخصي جالسا يراقب الحال متحير للوضوء ينادي ودكرار(الصلاة قائمة يا الكندي) أرد علية وين الموية عشان نتوضأ) يرد ودكرار (قوم اتيمم ساكت) فضحكت (معقولة حكومتكم ترجع الناس أربعين سنة).
سيدي دكتور حمدوك
والسيد والي الخرطوم ما أتحدث عنة من انقطاع المياة عن منطقة بثرب والشهيد طه الماحي تتوسط مركز الخرطوم وعلى بعد اثنين كيلو من النيل الأبيض فكيف حال أهل السودان بالولايات البعيدة وكيف حال أهلي بالكلاكلة فالعطش يضربهم وعربات الكارو يصل سعرها للبرميل ثلاثة ألف وهي غير صالحة للشرب ، فالمياة سيدي حمدوك أصبحت من أبجديات الحياة لكنها عند شعبنا أصبحت رفاهية يخرج المواطن من استحمام الدش مبتسما ضاحكا كأنه أدى فريضة العمرة ، ونساء الشهيد طه الماحي يطلقن الزغاريد بعد عودة المياة وتصليح عطل(البياره) الذي امتد لأيام ، ياليتك دكتور حمدوك وسيدي الوالي كنت حضوراً لترى كيف أصبح يفرح شعب السودان .
سيدى دكتور حمدوك وانتم فى ظل قيادة البلاد في هذة المرحلة التاريخية اصبح الألم فى واقع الحياة يزداد كل يوم المواطن يقف على بوابة دايون الزكاة فى أول يوم للشهر الكريم ووجوه عابسه حالكه من الأطفال والأمهات فى صفوف الخبز حتي التجاري أصبح بالصف وصفوف ارتال السيارات تقف بمحطات الخدمة ولا تتوفر الخدمة وفطر الناس على بلحات وموية الصحة و اليوم الأول للشهر عملت الأمهات ببرمجة (تريقة) المواطن للكهرباء يوم (للبل) وغدا فى انتظار (الخلط) فلا أدري ماذا يخلطون هل تعملوا كم بلغت دست البرتقال والمانجو والجوافة وحتى الليمون قام اتعزز ، عزيزي حمدوك حينما يبحث الناس عن المياه وسط الخرطوم والدولة ماشه ببركة الله ولا خدمة رغم دفع المواطن للقروش والغلاء المبالغ كل يوم فاعلم أن ذلك هو بداية انهيار الدولة السودانية فقط فى الخدمات دون النظر للأشياء الأخرى فإن كنتم بمجلس الوزاراء أو المزرعة السعيدة بعد آذان المغرب فقوموا تيمموا للصلاة (يا عطشان والبحر جنبك !! )