مقالات

علي احمد عباس يكتب : وزير الصناعة يعترف

الراى السودانى

في مؤتمر صحفي فاجأ وزير الصناعة السيد/ ابراهيم الشيخ الجميع بحديث أقر فيه وعلى رؤوس الاشهاد بالحال المايل للصناعة في السودان وأنها تعاني وتعاني من جملة من المشاكل اختزلها في مشكلين فقط هما التمويل والطاقة.
نحمد لوزير الصناعة انه وبعد صمت طال اعترف اخيرا أن الصناعة تعاني وأنها تجابه مشاكل اعاقت واقعدت مسيرتها ولا نخال أن السيد الوزير قد وقف على هذه الحقيقة المرة الآن فقط مواكبة لمعرض صنع في السودان واذا كان ذلك صحيحا فلماذا لم يصدح بها في اجتماع ضاحية سوبا وكان فيه حضورا والذي لم يرد ذكر للصناعة في محاوره الخمسة ولا بين مخرجاته ونعود من جديد للحديث عن الصناعة ولا زال في البال شئ من حتى وسنظل نردد الحديث عنها وعن مشاكلها ونصدح به في كل المحافل حتى يقتنع اهل عمرو إن النمر قد أتى ونحن قد آلينا على أنفسنا الاستمرار بالتصدي لأمر الصناعة طالما كان في القلم مداد وفي القلب نبض وتأتي موالاتنا لأمر الصناعة من واقع ارتباطنا الوجداني والمهني بها ونفخر بأننا واخرون كثر من الزملاء كان لنا سهم في التخطيط والاشراف ومتابعة تنفيذ ورعاية معظم منشآتها التي قامت ونشات.كنا نحسب أن الشروع في إصلاح ما لحق بالقطاع الصناعي من دمار ممنهج سيبدأ مع فجر الثورة الأول بعد أن اصابتها سياسة التحرير الاقتصادي بسهم قاتل زرع في صدرها منذ مطلع التسعينات لم تشف منه الي يومنا هذا وقد سئم ألبوم من السكن في مناطقها ومقارها بعد أن فقدت مقومات الحياة حتى للبوم نفسه نتفق مع السيد الوزير أن التمويل ظل يشكل حاجز صد وعقبة كؤود في وجه كثير من المنشآت الصناعية التي عجزت عن توفير رأس المال للتشغيل واعادة التأهيل ونتفق معه في أن العجز في امدادات الطاقة أيضا كانت ولا تزال لوحدها سببا اساس لما وصلت اليه الصناعة من تردي وانهيار تام لكثير من افرعها ومنشاتها وقد ظل الذي تبقى منها يعمل بمولدات الاحتياط وهي تكابد وتعاني الأمرين للحصول على مشتقات البترول.ان ما ورد في حديث السيد الوزير من نمازج للمشاكل التي تواجه القطاع الصناعي يمثل قدرا محدودا منها. إن من أبرز التحديات التي ظلت تواجهها المنشآت الصناعية التي تبقت هو تحدي تسويق منتجاتها في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج الذي افقدها قدرتها التنافسية بعد اغراق الأسواق بالسلع الصناعية المثيلة المستوردة المدعومة.وظلت تكاليف الإنتاج في كافة المنشآت الصناعية فى ازدياد مضطرد بسبب تدني الطاقات الإنتاجية وتدني كفاءة التشغيل والتي ارتبطت بكثرة الأعطال نتيجة لقدم ماكينات ومعدات الإنتاج المستخدمة والتي تحتاج إلى عمليات ابدال واحلال عبر نقل التكنولَجيات الحديثة.
ولقد شكلت النظرة الجبائية للصناعة بافرعها المختلفة احد اهم عوامل ارتفاع تكاليف الإنتاج إذ كانت بمثابة البقرة الحلوب لهيئة الجمارك لتحقيق ربطها المنشود والمستهدف ومصدرا لتحفيذ منسوبيها. فتعددت الرسوم والجبايات تحت مسميات عديدة مستحدثة وقديَمة كان آخرها فرض رسوم إنتاج جديدة على بعض الصناعات الوسيطة وغيرها مما تسبب في ارتفاع أسعارها بينما لم تقرر اي زيادات جمركية على السلع الصناعية المستوردة المماثلة للسلع الصناعية المنتجة محليا.
ان تدني سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية أسهم أيضا بدور كبير في ارتفاع تكاليف الإنتاج.ولقد توالت النكبات على القطاع الصناعي ولم يعد من أولويات حكومة الثورة ولم يدرج ضمن ادواتها لاحداث النهضة الاقتصادية والاجتماعية المنشودة فلم يعد قاطرة لقيادة عمليات التنمية المستهدفة بعد أن فاته قطار باريس ولم تتح له فرصة عرض مشاكله ولا الترويج لمشروعاتها الاستثمارية وما أكثرها.ولم يجد الملتقى لعرض شراكاته على المستثمرين خارج الحدود ولم يجد سبيلا للاطلاع على ما جري من تطور في عالم التكنولَجيات لنقلها.ولعل من أهم المعوقات التي أدت الي تدهور القطاع الصناعي برمته غياب الإطار القانوني والتشريعي والمؤسسي لوزارة الصناعة لتمكينها من الاضطلاع بدورها التخطيطي والاشرافي والتنفيذي على قيام المنشآت الصناعية. ونعني هنا عدم صدور قانون تنظيم وتنمية الصناعة والذي لم يصدر ويرى النور بعد على الرغم من اعداده منذ اكثر من عام من عمر الحكومة الانتقالية. وفي هذا الصدد لا بد أن نشير بأن هذا القانون ظل يراوح مكانه لعشرات السنين. وظلت الوزارة طوال هذه الفترة تصرف اعبائها بصلاحيات محدودة فضفاضة بموجب قرارات انشائها التي كان يصدرها مجلس الوزراء. لا شك أن غياب هذا القانون لا يمكن الوزارة من البناء القانوني والمؤسسي لاداراتها وغيابه لا يمكنها من ممارسة اختصاصاتها وصلاحياتها دونما تقاطع مع الجهات ذات الصلة ولا يمكنها من انشاء إداراتها المتخصصة التي تتولى الإشراف على عملية التنمية الصناعية بشكل كامل.السيد الوزير هذا سفر يحوي قصة الصناعة في السودان بكل تفاصيلها نضعه بين يديك ونسأل والكل يسأل عما انت فاعل فيه.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى