الراى السودانى
:: ومن الأخبار الغريبة، السودان يرفض وساطة عربية لفك صادر الهجن، أو هكذا كان أهم أخبار الغراء (الحراك السياسي)، يوم السبت الفائت.. فالوسطاء الذين تدخلوا في الشؤون السودانية – عرباً كانوا أو عجماً – هم الذين توسطوا لتحقيق السلام بالجنوب ودارفور والشرق وجنوب كردفان، أو لإصلاح ذات البين بين المجلس العسكري وقوى الحرية، أي كل الوسطاء توسطوا لما فيه خير السودان وشعبه..!!
:: ولكن أن تتدخل دولة في الشأن السوداني – باسم الوساطة – لحد التفكير في إدارة علميات الصادر لصالح المخربين، فإن هذا لم يحدث في تاريخ السودان، ويبدو أن الليالي – من زمان السودان – حُبالى يلدن كل عجيب.. هذه ليست وساطة لفك صادر الهجن، بل هو تدخل سافر في إدارة الدولة واقتصادها، ومراد به تخريب الاقتصاد الوطني، لصالح مافيا سودانية ودول أجنبية، ولقد أحسنت السلطات عملاً برفض هذا التدخل السافر..!!
:: والمؤسف، كما قال وزير الثروة الحيوانية حافظ عبد النبي، من أدخلوا الوساطة العربية في الشأن السوداني، لتتوسط لفك صادر الهجن، هم بعض بني جلدتنا.. فمن يصدرون إناث الإبل، تحت غطاء الهجن، هم من طالبوا الجهة العربية بالتوسط.. (مافي أي مجاملة لأي جهة حتى لو تدر للخزينة العامة بمليارات الدولارات، ولن يحدث ذلك في عهدي حتى لا يكتب التاريخ بأنني عملت على فك صادر الإناث)، هكذا الموقف المحترم للوزير عبد النبي..!!
:: وفي الذاكرة، في يوليو 2019، أي قبل تشكيل حكومة حمدوك، كان رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان قد أصدر قراراً بإلغاء قرارات تصدير إناث المواشي بكل أنوعها، بما فيها الذي يتم تحت غطاء الهجن.. وكما تعلمون، فإن عمليات تصدير الإناث تقودها مافيا المواشي المتحالفة مع مراكز فساد بالدولة، وكان يجب إحالتهم إلى المحاكم بتهمة تخريب الاقتصاد الوطني، وهذا ما لم يحدث..!!
:: وقبل قرارات التصدير التي نشطت فيها المافيا طوال عقود النظام المخلوع، كان هناك قرار معمول به – منذ استقلال السودان – يمنع تصدير إناث المواشي لحفظ الثروة الحيوانية من الانقراض، وللحفاظ على سلالات هذه الثروة القومية من السرقات.. وكان هناك قانونٌ يمنح فقط البياطرة حق التصديق بذبح إناث المواشي غير المنتجة، وكان هذا القانون يمنع ذبح الإناث المنتجة في المسالخ والأسواق المحلية، وناهيكم عن تصديرها..!!
:: ولا توجد في عالم اليوم دولة – غير بلادنا في عهد النظام المخلوع – أباحت تصدير إناث أنعامها بلا ضوابط، وبلا أية إحصائيات ودراسات وخطة تُعادل ما بين المنتج والمُصدِّر.. لهولندا وغيرها من الدول المُصدِّرة للإناث خطة تتكئ على إحصائيات ومعرفة بحجم الإنتاج ونسب الإناث والذكور.. ولكن في بلادنا كان آخر إحصاء للثروة الحيوانية في عهد حكومة الرئيس الراحل نميري، ولم نسمع عن أي إحصاء آخر بحيث بنى عليه النظام المخلوع خطة تصدير الإناث..!!
:: كم حجم الثروة الحيوانية بعد انفصال الجنوب؟، وبعد اشتعال الحرب في دارفور وكردفان والنيل الأزرق؟، وكم حجم هذه الثروة بعد نزوح أهل الأرياف إلى المدائن بحثاً عن الخدمات؟، وبعد قوافل الهجرة بعقودات تربية المواشي بالخليج؟، كل هذه العوامل ذات تأثير سلبي في الإنتاج، ومع ذلك كانوا يصدقون للمافيا بتجفيف المراعي من مواعين الإنتاج.. لو حاكموا المافيا ومن يُصدِّقون بتهمة تخريب الاقتصاد، لما استنجدوا بالوسطاء المنتفعين من هذا التخريب..!!
الطاهر ساتي