الراى السودانى
إنّ القرآن الكريم ليس به كلمات مترادفة أبداً ..
فعندما يذكر كلمة : ( صِيَام ) بحرف ( الياء ) ..
فإنّه ﻻ يقصد بها كلمة : ( صَوْم ) بحرف ( الواو ) ..
1- إنّ كلمة : ( الصِّيَام ) .. يقصد بها فى القرآن الكريم : اﻻمتناع عن الطعـام و الشراب و باقي المفطرات من الفجر حتّى المغرب .. أي فريضة ( الصِّيَام ) المعروفة خلال شهر رمضان المبارك ..
قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( سورة البقرة : 183 )
و لم يقل : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصَّوْم ) ..
2 – أمّـا كلمة : ( الصَّوْم ) .. فَتَخُصُّ اللّسـان و ليس المعـدة .. و خاصّة ( قَوْلُ الحقّ ) ..
سـواء في رمضان أو غيره .. أي أنّ : ( الصَّوْمَ ) يأتي مع ( الصِّيَام ) و بعـده ..
و الدليل على أنّ : ( الصَّوْمَ ) ليس لـه علاقة بالطعام و الشـراب ..
ما ورد في القرآن الكريم : ( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ) سورة مريم : 26 )
أي أنّ مريم عليها السلام .. قـد نذرت ( صَوْمًا ) و هي تأكل و تشـرب ..
و ( الصِّيَام ) بمفرده دون أنْ يُرافقـه ( الصَّوْم ) .. ﻻ يُؤدّي الغرض المطلوب تمـاماً لقولـه صلى الله عليه و على آله و صحبه وسلّم في حديثه الشريف :
( مَـنْ لمْ يدعْ قول الزور و العمـل بـه فليس لله حاجـة في أنْ يدع طعامـه و شـرابـه )
أيْ ﻻبـدّ من ( الصَّوْمِ ) مع ( الصِّيَامِ ) ..
فمن السهل على اﻹنسان الصبر على الجوع و العطش من الفجر حتى المغرب ..
و لكنّ من أشـدّ الصعوبات عليه : قول كلمة الحقّ خاصّة إذا كان على نفسـه ..
ﻷنّ ( الصَّبْرَ ) الحقيقي هو في مُعاملة اﻵخرين ) :
( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ ) ( سورة الفرقان : 20 )
و اﻷهمّ في الموضوع : هـو فهـم الحديث القدسـيّ جـيّداً و اﻻنتباه لكلماته بدقّة أيضاً :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَ جَلَّ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ .. الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ .. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) ..
و فى رواية أخرى : ( لِكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ .. وَ الصَّوْمُ لِي وَ أَنَا أَجْزِي بِهِ ) ..
ﻷنـه ب ( الصَّوْم ) تنتهي المشاكل وتنتهي النميمة والغيبة والبهتان ..
أمّـا ( الصِّيَام ) مع سـوء الخلق فإنّـه لا فائدة منه ..
فصـوموا ( صَوْمًا ) و ( صِيَامًا ) لِتَعُمَّ الفائـدة ..
تقبل الله مِنَّا و منكم أطيب الدعاء و صالح الأعمال ..
و كل عام و حضراتكم و أحبابكم جميعا بألف خير ..
اللهم آمين يارب العالمين .
( من .. كنوز .. اللغة العربية )