الراى السودانى
عبّر الفريق كباشي عن ضمير الشعب السوداني المسلم حين وصف الاتفاق الذي كان حمدوك قد وقعه مع الحلو في سبتمبر 2020 في اديس ابابا والذي نص على العلمانية ، وصفه بانه (عطاء من لا يملك لمن لا يستحق) بل إن الرجل مضى الى القول ، في حواره مع جريدة اليوم التالي ، بانه لا حمدوك ولا الحلو ولا البرهان يملكون حسم قضية العلمانية.
ولكن البرهان الذي لا تنقضي عجائبه يصر على انه يملك ان يفعل ما يشاء على غرار فرعون الذي قال (ما اريكم الا ما ارى) بل الذي ساقه طغيانه الى القول (أنا ربكم الأعلى)!
ثار بنو علمان على البشير ووصفوه بالطاغية وبكوا في عهده على الحريات التي قالوا إنها انتهكت ورفعوها شعاراً اصبح ايقونة لثورة ديسمبر 2018 (حرية سلام وعدالة) فما الذي جعلهم اليوم يباركون طغيان البرهان وانفراده بتوقيع ابشع واغرب وافظع قرار يتخذ على امتداد تاريخ السودان الحديث؟!
ما الذي جعل البرهان يستهين بدينه او قل بدين شعبه ويحتقره ويتطاول على ربه وشريعته ويستخف بشعبه ويزدريه ويفعل فعلته النكراء بالرغم من انه مجرد من اي شرعية تمنحه حق التصرف في بلاده ومواطنيه كما لو كانوا مسترقين في حظيرته ، وبالمقابل ما الذي جعل الحلو وانصاره وداعميه وعراب الاتفاق الامريكي الاستعماري بريسلي يعظمون مشروعهم العلماني ويصرون بلا سند ولا تفويض حتى من شعب جبال النوبة الذي يقود الحلو عدداً قليلاً من افراده؟!
لماذا ينصاع البرهان لمتمرد ويتغاضى عن ارادة اكثر من (98)%من شعب السودان؟
اهو احتقار لهذا الشعب لانه لم يحمل البندقية دفاعاً عن دينه وشريعته ، وهل يصعب على الناس ان يفعلوا ما فعل الحلو دفاعاً بل وجهاداً في سبيل دينهم ، وهل الحلو احرص على علمانيته التي تدخله النار من حرص المسلمين على دينهم التوحيدي الشامل الذي يستمطر عليهم رضوان ربهم وجنته؟
لقد حكم الله تعالى على من يطيعون حكامهم المستخفٌين بهم بالفسق فهل يرضى شعبنا بالدنية في دينه وبالتفسيق من رب العالمين ، وقد قال الله تعالى في حق اولئك المستكينين: (فَٱستَخَفَّ قَومَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُم كَانُوا قَوما فَـاسِقِینَ)؟!
من حق البرهان ان يعتقد ما يشاء سيما بعد إقرار ذلك بتلك الوثيقة الدستورية الظالمة التي صاغوها بمكر تزول منه الجبال ، والتي اتاحت للناس حرية الارتداد عن الدين ، ولكن الم يسائل الرجل نفسه وقد تجبر : لماذا ينصب نفسه حاكماً اوحداً بل سيداً مطلقاً على شعب عزيز ما ثار من اجل انتقاص دينه ولا تحدياً لربه انما طلباً لعيش كريم حرم منه بضنك العيش وسوء الحال والمآل؟ لماذا يغتصب حقاً ليس مخولاً له، ولماذا يظن ان القوات المسلحة التي يقودها مجرد قطعان من الاغنام يحق له ان يستقوي بقوتها وسلاحها بدون إذن منها ، ويحتكر حق التعبير عنها في اخص خصوصياتها المتمثلة في علاقتها بربها وبدينها التوحيدي الشامل متوهماً انها اكثر انصياعاً له من انصياعها لربها ولكتابه الذي جعله البرهان (عضين) او مزقاً متفرقة تنتقص حق الله تعالى في ملكه وخلقه وعلى الحياة والأحياء؟!
اقول للبرهان وللقوات المسلحة السودانية إن الدين المقدم عند الله تعالى على النفس وعلى كل المقاصد الشرعية الأخرى لا يجوز التفريط فيه ، وليس من حق سلطة انتقالية غير منتخبة ان تنظر في امر علاقة الدين بالدولة فهو حق الشعب يقرر بشأنه باستفتاء او بانتخابات نزيهة اما هذا النظام الانقلابي الحالي فليس من حقه الا ان يستعجل تسليم السلطة للشعب باعجل ما تيسر كما فعل سوار الدهب.
اما من فرحوا بقرار البرهان من بني علمان وشيوعيين في تجاهل تام للجبروت والطغيان الذي تسربل به وهو يوقع على وثيقة العلمانية فاني لا اجد تعبيراً اصفهم به غير أنهم اناس لا تحكمهم مبادئ ولا اخلاق فقد سقطوا جميعاً في امتحان القيم منذ ان تنكروا لكل مبادئهم وفتحوا سجون الحقد والتشفي ومكنوا لانفسهم رغيد العيش واجاعوا الشعب واحالوا حياته الى جحيم.
اخطأ البرهان مرتين اولاهما أنه لم يدرك عقابيل تلك الخطوة على مستقبله السياسي ، وثانيهما أنه لم يعلم مقدار ما ارتكبه من خطيئة في حق دينه وربه وشعبه ووطنه ، واختم بتذكيره بقول ربنا سبحانه: (وَلَا یَحِیقُ ٱلمَكرُ ٱلسَّیِّئُ إِلَّا بِأَهلِهِ فَهَل یَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ ٱلأَوَّلِینَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبدِیلاۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحوِیلًا)
الطيب مصطفى – صحيفة الانتباهة