الراى السودانى
قبل عامٍ، قالت وزارة التربية والتعليم بأن طلاب الصف الخامس – المنقولين إلى السادس – سيجلسون العام المقبل لامتحانات الشهادة المتوسطة، أو هكذا كان الوعد.. وقد أوفت الوزارة بوعدها، بحيث كشفت – لصحف الأمس – عن ترتيبات لتطبيق المرحلة المتوسطة في العام الدراسي الحالي (2020 – 2021م)، وقال المدير التنفيذي سامي الباقر إن هذا العام سيشهد تطبيق أول انتقال من الصف السادس ابتدائي إلى المرحلة المتوسطة بجميع ولايات السودان..!!
:: ولأول مرة، فإن انتقال التلاميذ من الصف السادس ابتدائي إلى الأول متوسط سيكون عبر امتحان ولائي أو محلي، مع مراعاة عدم تعقيد الانتقال بين المرحلتين منعاً للتسرُّب المدرسي.. وكما كتبت في ذات زاوية قبل عام، فإن هذا الحدث السعيد من تحديات المرحلة الانتقالية.. والمؤلم، ما أن تم إلغاء المرحلة المتوسطة، حتى باع بعض عناصر النظام المخلوع مدارس المرحلة المتوسطة كأراضٍ استثمارية..!!
:: ثم حوّل البعض الآخر المدارس إلى مكاتب حكومية.. وما وُلدت فكرة الفصل التاسع، قبل سقوط النظام بعام، إلا لتغطية هذا النهج غير المسؤول.. ولتمرير الفصل التاسع، كانوا يتحدثون عن بناء أسوار في حيشان المدارس، وما بين الفصول، وعن تعيين وكيلين بكل مدرسة.. و.. و.. كل هذا الخداع لإقناع الرأي العام بقبول فكرة حشد الأطفال والمراهقين في حيشان المدارس بمظان (هكذا التربية)..!!
:: على كُلٍّ، عودة الوسطى من تحديات حكومة الثورة، ويجب أن يكون تحدياً للمجتمع أيضاً.. إذ غير تكاليف إعادة المرحلة المتوسطة، فمن المتاعب التي قد تُواجه وزارة التربية، هي أن هناك مراكز قوى – بقطاع التعليم – ضد عودة السلم التعليمي السابق (6/3/3)، وهي المراكز التي بمثابة أخطر دولة عميقة في قطاع التعليم العام.. وبعض هؤلاء المستثمرين النافذين في مطابخ القرار هم المتاريس أمام تطوير التعليم العام..!!
:: ولقد أحسنت وزارة التعليم عملاً بتحديد الجدول الزمني لعودة المرحلة المتوسطة (العام الدراسي القادم)، وهنا التحدي، والدعوة إلى البناء يجب أن تكون (عامة).. أي على المجتمع أن يتقاسم التحدي مع حكومته، بحيث يكون شريكاً في جهد إعادة الوسطى.. فالمرحلة العائدة بحاجة إلى مدارس وكُتب وتدريب معلمين وغيره.. ومهما ضاعفت الحكومة ميزانية التعليم، فلن تستطيع وحدها تأسيس مرحلة كاملة، ولا بد أن يكون للمجتمع دور إيجابي..!!
:: وفي الذاكرة ذاك الشعار.. (ح نبنيهو).. كما كان شعاراً قوياً في مرحلة الثورة، (ح نبنيهو)، يجب أن يصبح عملاً أقوى في مرحلة الدولة، وللأسف هذا ما لم يحدُث حتى الآن.. كل المواكب لا تزال مواكب سياسية أو احتجاجية، ولم يُخرَج موكب من أجل البناء والتنمية، وكذلك لم تستثمر الحكومة ثوّارها في (نفير).. ليبقى السؤال، ماذا ينتظر مجلس الوزراء وولاة الولايات؟ ولماذا لا يُبادرون بالاستثمار في الجهد الشعبي لإنجاح مشروع عودة المرحلة المتوسطة..؟؟
:: فالتعليم العام يجب أن يكون مسؤولية جميع مستويات الحكم والمجتمع، أي تبدأ المسؤولية بالمجلسين السيادي والوزراء، ثم الولايات والمحليات، وحتى لجان المقاومة وكل منظمات المجتمع المدني.. وكما تُقاوم الشمولية والظلم والدولة العميقة بالمواكب المليونية، فعلى لجان المقاومة أن تقاوم أيضاً الجهل والفقر والمرض بالاستنفار الشعبي، وبهذا نكون نحن الشعب الذي يجتهد لإصلاح حاضر التعليم، بحيث يصبح (كما كان)، قبل عهد التخريب..!!
الطاهر ساتي
الصيحة