الراى السودانى
:: غير وزيرها، لم يتغيّر أي شئ في وزارة التعليم العالي.. ومن المحزن أن سياسة القبول للجامعات لا تزال هي ذات السياسة التي تحمل في طياتها أقبح أنواع التمييز بين أبناء الشعب.. وكما تعلمون، في كل بلاد الدنيا، ما عدا بلادنا طبعاً، تضع أجهزة الدول سياساتها العامة بحيث لا ترهق الضعفاء.. ولأن السياسة التعليمية هي (أم السياسات)، تعد الدول من القوانين واللوائح ما يساعد الضعفاء على التعليم..!!
:: هناك من يميّز طلاب المناطق (الأقل نمواً)، أو الأقليات التي تعيش على هامش الحياة، بحيث تتعلم وترتقي.. وهناك من يميّز تعليم المرأة و.. و.. هكذا.. فالتمييز الإيجابي في دول العالم، دائماً ما يكون لصالح الأقليات والفئات الضعيفة.. ولكن في بلادنا، فإن سياسة التعليم العالي – بالقوانين واللوائح الظالمة – لا تزال تسحق الضعفاء، ثم تدعم من فئات المجتمع ما لا تستحق الدعم..!!
:: لائحة القبول للجامعات لسنة (2003)، والصادرة عن المجلس القومي للتعليم العالي، والتي تم تعديلها في عامي (2009/ 2014)، كان يجب إلغاؤها في عام نجاح الثورة، ولكنها لا تزال – كما هي – توزع الظلم وتمارس التمييز السلبي.. وبالمناسبة، حتى إدارة القبول، لا يزال مديرها هو ذات المدير الذي تم تعيينه قبل (10 سنوات)، ومن الطبيعي أن يحرس لائحته الظالمة رغم أنف العدالة المرفوعة كأحد شعارات الثورة..!!
:: من الظلم أن تسمح لائحة القبول للجامعات بقبول أعداد إضافية من الطلاب للدراسة بنظام النفقة الخاصة، وقد تم رفع نسبة هذا النوع من القبول إلى (50%)، أو هكذا يتم ترسيخ سياسة التعليم (لمن يملك المال)، على حساب من لا يملك، ولو كان متفوقاً على ذاك في النسبة الأكاديمية.. عندما عجزت الحكومة عن الوفاء باحتياجات الجامعات، رفعت نسبة النفقة الخاصة إلى (50%)، أي من يدفع ثمن هذا العجز الحكومي هم الناجحون من أبناء الفقراء..!!
:: ومن الظلم أن يتم قبول أبناء مجالس الجامعات على النفقة الخاصة، وأن يدفع فقط (50%) من الرسوم.. أليس ظلماً أن ينال هذا الطالب غير المستحق للمقعد – بالمعيار الأكاديمي- على حساب طالب مستحق، ويتم ذلك بنص الـ(50%، نفقة خاصة)، ثم تعفيه اللائحة ذاتها عن دفع (50%) من رسوم النفقة الخاصة، لأنّ والده رئيس أو عضو مجلس الجامعة، وليس مزارعاً أو عاملاً من ذوي الدخل المحدود..؟؟
:: ثم تأملوا النص الاحترازي الآتي: (يتمتع الطالب بهذا الامتياز حتى تخرجه في الجامعة)، وهذا يعني أن يظل الطالب معفياً من نصف القيمة حتى لو غادر والده مجلس الجامعة.. ثم الأدهى: (يتم قبول أبناء وزوجات العاملين بمؤسسات التعليم العالي على نظام النفقة الخاصة، ويشمل الذين تكلفهم الدولة لشغل مناصب دستورية أو تنفيذية، بعد دفع (50%) من الرسوم إن كان قد أمضى عاماً في الخدمة، و(25%) إن كان قد أمضى عامين)..!!
:: بمعنى أي مسؤول دستوري أو تنفيذي بالدولة، عمل عاماً أو عامين بأية جامعة يُحظى ابنه بالحسنيين، أي يستولى – بنسبة 50% – على مقاعد الطلاب المستحقين بمعيار المؤهل الأكاديمي، ثم يكتفي بدفع 25% أو 50% من قيمة النفقة الخاصة.. ليبقى السؤال المشروع، ما الذي يُميِّز أبناء أعضاء مجالس الجامعات عن أبناء المزارعين والعمال والموظفين والعساكر والأعمال الحرة، بحيث يحظوا بكل هذا التمييز (السلبي والجائر)..؟؟