* تظل العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية السودان، أزلية ومتجذرة ومتنامية، أساسها الأخوة الصادقة والدين واللغة والجوار والتاريخ المشترك.. تنمو وتزدهر يوماً بعد يوم.. وتمضي متسارعة.. متطورة نحو المزيد من التفاهم والتعاون المشترك.. لم تنقطع ولم تتأثّر ثوابتها على مر الأزمان…!
* في أبريل من العام 1985م وفى أوضاع انتقالية مشابهة بالسودان، كان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله – يقطع بكلمة واضحة أن المملكة سوف (تتقاسم الخبز مع السودان) وهو ما قد كان بمنحه للمجلس الانتقالي بقيادة المشير الراحل عبد الرحمن سوار الذهب مبلغ 60 مليون دولار.. وفي ذات الوقت الذي كانت بواخر النفط فيه ترسو بميناء بورتسودان وهي تحمل كفاية السودان من الوقود.. بعد أن كانت الخزينة فارغة والبلاد تُعاني نفاد المخزون من الغذاء.. ومؤخراً وعند الإعلان عن الانتقال الجديد في أبريل العام 2019م كانت المملكة العربية السعودية أول الداعمين لخيار السودانيين، وحاضرة في الوقت وعند الوعد بدعم السودان بملبغ 250 مليون دولار، هذا غير أكثر من 6 مليارات أخرى صادقت بها قيادة المملكة للمشاريع الاستثمارية في السودان.
* طبيعة الأواصر والوشائج بين المملكة والسودان، جعلت دعم السودان وشعبه أولوية مُلحّة، فقد كانت المملكة ومازالت واحدة من أكبر الدول المانحة والداعمة للسودان الشقيق، حيث تجاوزت جملة المساعدات السعودية للسودان (1,585,530,986) دولاراً.. وأكثر من 83 مشروعاً تنموياً، وظلّت المملكة تسعى دائماً لدعم الجهود الإنسانية مع دعم التنمية، للوصول إلى التعافي الاقتصادي، حيث قامت برفع استثماراتها في القطاع الخاص، والعمل على زيادة التبادل التجاري بين البلدين، وبادرت بقيادة وحشد الجهود الدولية لدعم السودان في كل المجالات، وعلى رأسها رفع العقوبات الاقتصادية، وشاركت بفاعلية في مؤتمر المانحين للسودان ببرلين، واستضافت الرياض وترأست اجتماع مجموعة أصدقاء السودان والذي شاركت فيه 25 دولة ومنظمة من أجل الوصول إلى أكبر قدر من التمويل.
* خلال العام 2020م، قام مركز الملك سلمان للإغاثة بتنفيذ عدد من الحملات الطبية في السودان، منها حملتان طبيتان لمكافحة العمى والأمراض المسببة له، بتكلفة 750 ألف دولار أمريكي، وحملتان طبيتان، الأولى لجراحة وقسطرة القلب بتكلفة مليون و500 ألف دولار، والثانية لجراحة المسالك بتكلفة مليون و500 ألف دولار.. ولم تنقطع مشروعات السلال الغذائية والحقائب المدرسية وشحنات التمور عن كل الولايات السودانية، وعند كارثة السيول والفيضانات في الأعوام السابقة، انطلق أضخم جسر إغاثي جوي من السعودية لمساعدة المتضررين.. والعام الماضي بلغت جملة تبرعات شعبية من المملكة أُطلق عليها حملة (السودان في قلب سلمان) 8,707,259 ريالاً سعودياً. كإغاثة عاجلة شملت قطاع الأمن الغذائي والصحي والإيواء.
* لمواجهة جائحة كورونا، قامت سفارة خادم الحرمين الشريفين بالخرطوم، وبتوجيهاتٍ ساميةٍ من مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين – حفظهما الله – بالتنسيق مع وزارة الصحة ومفوضية العون الإنساني بالسودان، وانطلقت القوافل الطبية التضامنية عبر مركز الملك سلمان وشركائها المحليين لتصل لمختلف الولايات السودانية، وآخرها (105 آلاف طن) من المستلزمات والمعدات الطبية سُلِّمت لوزارة الصحة، وشاركت البنك الدولي في إطلاق مشروع الطوارئ الصحية لمكافحة فيروس كورونا COVID19 بمنحة إجمالية قدرها 21.99 مليون دولار، ساهمت المملكة العربية السعودية بمبلغ 10 ملايين دولار؛ إلى ذلك قامت سفارة المملكة برعاية برامج المسؤولية المجتمعية للشركات السعودية المستثمرة في السودان والمنظمات المختلفة، حيث قامت مجموعة من الشركات السعودية بدعم ومساندة المجتمعات المحلية بالمساعدات الطبية والأجهزة والأدوية وأدوات الوقاية.
* عدد من المؤسسات الخيرية تفتح أبوابها لخدمة المرضى، منها المستشفى السعودي للنساء والتوليد ومؤسسة البصر الخيرية العالمية وعدد من مراكز صندوق إعانة المرضى، ومنظمات سعودية أخرى تنشط في كفالة الأيتام ومشروعات المياه والصحة وإفطار الصائمين ومشروعات الأضاحي، على رأسها جمعية الهلال الأحمر السعودي ورابطة العالم الإسلامي التي تكفل عشرات الآلاف من الأيتام والمحتاجين.. ونفّذت المئات من مشاريع محطات المياه والسقيا والآبار عبر محسنين من المملكة في القرى النائية والأرياف.
* هذا غيض من فيض.. وقطرة من بحر.. ومن قبل العام 1985م وإلى ما بعد العام 2021م، تبقى المملكة العربية السعودية دوماً حاضرةً بالوقوف إلى جانب الشعب السوداني الشقيق وفي كل الأحيان وعند كل الملمات والمحن.. وفي السّرّاء والضرّاء..وما إرسال المملكة هذه الأيام لوفد طبي كبير لإجراء عشرات الآلاف من عمليات العيون لمواطنين سودانيين في حملة صحية هي الأكبر من نوعها إلا حلقة في سلسلة المساعدات السعودية المستمرة للسودان وشعبه من قِبل أشقائهم في المملكة العربية السعودية، ونتمنى جميعاً ونسعى لمضاعفة الجهود لدعم السودان الشقيق اقتصادياً وتنموياً وإنسانياً بما يضمن وضع السودان على طريق البناء والتنمية والاستقرار لتحقيق النهضة المنشودة لشعبه الكريم.
سفير خادم الحرمين الشريفين لدى السودان