مؤخرا 31 آب/أغسطس في ضاحية عاصمة ليبية طرابلس وقع انفجار على أرض معسكر تدريب اليرموك ما أسفر عن مقتل أكثر من سبعين مقاتلا مواليا لتركيا من جماعة فيلق الشام السورية.
وبعد الحادث لم يتم الإعلان عن الرواية الرسمية ومع ذلك أعربت قيادة جيش حكومة الوفاق الوطني عن قلقها العميق إزاء الأحداث المذكورة أعلاه ووصفوها بـ “الفوضى وتهديد الأمن”.
من الجدير بالذكر أنه قد حدثت تغييرات كبيرة في صفوف الموظفين في حكومة الوفاق الوطني خلال الأسبوع الماضي. وهكذا فقد وظيفته وزير الداخلية فتحي باشاغا الذي ظهر مرارا في فضائح الفساد منصبه. وفي وقت نشر مرسوم الإقالة كان الوزير موجودًا بالفعل في تركيا حيث كان قد فر مسبقًا على خلفية الاحتجاجات الحاشدة ضد أنشطته.
من الممتع أن الوزير السابق هو من أصل تركي وشارك في المؤامرات العديدة المتعلقة بتركيا والذي تراّس الوفد الليبي في مفاوضات أنقرة في نيسان/أبريل 2019 حيث التقى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن دخول القوات التركية إلى القارة الأفريقية لمحاربة قوات المشير حفتر. ثم بعد دخول القوات التركية ناقش فتحي باشاغا مع وزير الدفاع التركي القضايا الأمنية والتنسيق العسكري بين الجانبين.
من الغريب أنه بعد استقالة وزير الداخلية ازدادت الاشتباكات بين المرتزقة الأجانب والجماعات المسلحة المحلية في طرابلس. على سبيل المثال، قبل ساعات قليلة من الانفجار في معسكر اليرموك 31 آب/أغسطس، هجمت مجموعة المجهولين على مرتزقة سوريين في منطقة الدريبي بطرابلس حيث كان السوريون يأتون للتسوق مما أدى إلى مقتل ثلاثة سوريين.
على الأرجح قرر مواطنو ومقاتلو حكومة الوفاق الوطني الذين سئموا من تدخل الجانب التركي في شؤون دولة ذات سيادة وأيضا إدراكهم لغياب الحارس الرئيسي عن التشكيلات الموالية لتركيا التعبير عن احتجاجهم مما أدى إلى اشتباك مسلح.
عند تحليل هذه الأحداث يمكن أن يستنتج أن تركيا مستعدة لتعزيز مصالحها في شمال إفريقيا بأي ثمن بما في ذلك على حساب الشعب الليبي. بعد أن فقدت رجلها في الحكومة ستبحث أنقرة عن سياسي مهتم جديد سيشغل بدون شك منصبا رفيعا في قيادة الدولة وستواصل الدفاع عن الطموحات السياسية التركية في جنوب البحر الأبيض المتوسط على الرغم من معاناة المواطنين الليبيين.
لهذا السبب طالما أن تركيا تتدخل في الشؤون الداخلية لليبيا فلا ينبغي للمرء أن يعتمد على نهاية سلمية وسريعة للحرب الطويلة المستمرة منذ تسع سنوات
عبد الله السامر