(1)
كان والدي رحمة الله عليه يعز ويقدر الامام الصادق المهدي كثيراً، وكان كما اشرت سابقاً يضع صورته في البوم (الاسرة) مع ابنائه وإخوانه، لإحساسه بالعشرة والألفة معه، رغم انه لم يلتق به في حياته، وقد كان الوالد صاحب (حصافة) في تقديراته ومعرفته ببواطن الاشياء، اذا كانت التقديرات عنده في مثل هذه الامور تبنى على حسابات (وطنية) خالصة.
أورثني الوالد (محبته) للصادق المهدي – رغم انتقاداتي الشديدة للإمام، يبقى عندي المهدي الشخصية السياسية الاولى في تقديري في السودان، لكن لا نبني انتقاداتنا للأشخاص من خلال حبنا او كرهنا له.
إن كنا نحسبها بالمحبة لما كتبنا يوماً كلمة نقد واحدة في حق الامام الصادق المهدي والذي احسب ان من تعاليمه العظيمة تلك (الديمقراطية) التي ننطلق بها منه واليه.
سدد الصادق المهدي فواتير الديمقراطية الباهظة من صحته وعمره وجسده وأسرته. مارس الديمقراطية بإفراط وإسراف عندما كان حاكماً، بنفس الكيفية والطريقة التي كان يمارسها بها حينما يكون معارضاً.
لم تتبدل منه حسبة (الديمقراطية) معارضاً كان او حاكماً – تبقى عنده بنفس الدرجة والملامح والهوى.
المهدي طبّق (الديمقراطية) حتى على نطاق (اسرته)، فقد كان (ابنه) عبدالرحمن في (القصر) في نفس الوقت الذي كانت فيه (ابنته) مريم في (الغابة).
قد تختلف التقديرات في هذا الجانب من شخص لآخر– لكن في كل الاحوال تبقى ممارسته للديمقراطية كما يقول الكتاب.
الديمقراطية عنده ديمقراطية من اجل الديمقراطية.
رحابة الصدر التي تميز بها الامام الصادق المهدي تجسدت في تلك (السلمية) التي ظل يدعو لها الصادق المهدي حتى وهو يتعرض لأسوأ انواع المعاملة ويتجرع الظلم من النظام البائد الذي سلب منه سلطانه الذي جاء اليه منتخباً مع ذلك مارس (حُلماً) مع النظام الذي هد عرشه وظل على امتداد 30 عاماً من عمر النظام البائد يجادلهم بالتي هي احسن ويعارضهم بالسلمية والحكمة والحلم والصبر الجميل.
سلمية هذه الثورة المجيدة عرابها هو الصادق المهدي، هو من ظل يدعو لها ويبشر بها.
(2)
نحن الجيل الصحفي الذي قام ونشأ في بلاط صحافة الكيزان، وعملنا في ظروف صعبة ومعقدة جعلت معظمنا يصاب بلوثة العهد البائد فمن عاشر قوماً (40) يوماً صار مثلهم فكيف على من عاشرهم (30) عاماً؟ – لا اعفي انفسنا مما اصابنا من العهد البائد فأحدث فينا ذلك الخلل… ولا ابرئ نفسي.
لهذا اقول اننا بقصد او بدون قصد – بحسن نية او بدون حسن نية ساعدنا في اغتيال شخصية الصادق المهدي.
النظام البائد كان يبدع في اغتيال الشخصيات القومية التي يختلف معها، وما زالت مخلفاته في هذا الجانب تغلب على الكثير من الرؤى ووجهات النظر.
في ظل ذلك (التعتيم) وإطلاق الاشياء على عواهنها يكفي ان تضع صورة الامام الصادق المهدي بكل تاريخه العظيم الآن على احدى وسائل المواقع التواصل الاجتماعي لتنزل الشتائم والإساءات بسوء فهم وتقدير على الصادق المهدي.
هذا العبث اضر بكل جوانب حياتنا – الامر ليس مقتصراً على الصادق المهدي وحده – كل العظماء يتعرضون لوابل من الاساءات والشتائم.
(3)
لا اعتقد ان هناك شيئاً ازعج الناس في الفترة الاخيرة قدر اصابة الامام الصادق المهدي بفيروس كورونا.
أشعر بان كل الناس اصيبوا مع الامام بهذا الفيروس تعاطفاً وتعايشاً معه… فقد تداعى الوطن بالسهر والحمى لإصابة الامام بالفيروس. نترقب اخبار الامام على مواقع التواصل الاجتماعي بشيء من التوجس والخوف، ونسأل الله له دائماً الصحة والعافية والشفاء العاجل الذي لا يغادر سقماً.
الوطن في حاجة الى الصادق المهدي ونحن نمر بتلك المنعطفات الخطيرة، يبقى هو (كبيرنا) و (رمزنا) الذي نعود اليه اذا كان الحديث عن الشفافية والديمقراطية والفكر.
الصادق المهدي ظل يجاهد بفكره– لم ينقطع عن المنابر والسوح والمناسبات، ولم تختف تصريحاته عن الصحف التي ظلت تجعلها (مانشيتات) لها – أكان هو في الحكم أو في المعارضة. دائماً هو (الفعل) – يترك ردود الافعال للآخرين، لذلك تأثيره على الاحداث منذ الاستقلال وحتى وقتنا هذا يبقى عظيماً. الصادق المهدي هو الشخص الوحيد في العالم الذي يمكن ان تثق فيه ويطمئن قلبك إن كان هو الخصم والحكم.
اللهم اشف الامام الصادق المهدي وأرجعه الى وطنه وأهله سالماً ومعافى ليحدث (الاضافة) التي ظل يحدثها في كل قضايا الوطن.
(4)
بغم /
اعتقد ان اصابة الامام الصادق المهدي بفيروس كورونا – شكل من اشكال الديمقراطية التي يمارسها الصادق المهدي ويدعو لها فقد جعل جسده متاحاً للجائحة بسبب مخالطته للناس والعامة وتداخلاتهم معهم.
المهدي مارس (السلمية) حتى مع فيروس كورونا.
صحيفة الانتباهة