* كانت المنطقة التي تعرف الان بمحليتي حلايب وجبيت المعادن تسمى (عتباي) حسب لغة البجة، وتقع في شمال ولاية البحر الأحمر حاليا، بينما تسمى المنطقة الريفية الساحلية جنوب محمد قول وحتى سواكن بمنطقة (القنب)
* يسكن منطقة عتباي ( حلايب حاليا ) الحمدوراب والشانتراب من قبيلة البشارين، وتمتد أراضيهم من منطقة حلايب وأبورماد وشلاتين في أقصى شمال شرق السودان إلى الجنوب الغربي حتى نهر عطبرة وهناك توجد نظارة البشارين في بعلوك، وأشهرهم في القرن الماضي الناظر (أحمد كرار) الذي كان يقيم في بعلوك، ويساعده ثلاثة مشايخ خط وهم شقيقه (حامد كرار) في عتباي وشقيقه (محمود كرار) في البحر ( الأتبراوي )، و(شيخ يوسف) في محطة تجنى في خط حديد بورتسودان وتمتد منطقة نفوذه شمالا إلى منطقة الباك ووادي الحمار ووادي أمور والنجيم وأب سيال شرق أبو حمد.
* لم تكن حلايب في العهود الثلاثة التركي والمهدوي والإنجليزي المصري تابعة لمصر أو تدار من مصر، وفي عهد المهدية ولى عليها الخليفة عبد الله، الأمير (الحسن الحاج سعد العبادي) وهناك تزوج (مدينة بت نايل) أم أولاده محمد أحمد وعباس ومحمد علي وجدة المحامي الشهير وقطب حزب الأمة في الديمقراطية الثانية كمال الدين عباس!
* الخيط الرقيق الواهي الذي يتشبث به المصريون في موضوع حلايب هو الاتفاق الذي أبرم بين اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني في مصر وبين بطرس غالي رئيس مجلس النظار ( الوزراء ) في مصر عام 1899م بعد الاحتلال الإنجليزي المصري للسودان.
* ينص الاتفاق على أن خط العرض 22 هو الحد الفاصل بين السودان ومصر، وهو يمر شمال وادي حلفا وجنوب قريتي دبيرة وإشكيت ولم تطالب مصر بهما، كما أن الخط نفسه يمر جنوب مثلث حلايب ولم تطالب مصر بحلايب وأبو رماد وشلاتين بعد الاتفاق، بل ظل المثلث تابعا لمركز سنكات الذي يمتد من شلاتين حتى أم شديدة المرغوماب شرق شندي، وبعد إلغاء المراكز وقيام المجالس الريفية أصبحت منطقة حلايب تتبع لريفي بورتسودان.
* لم يحدث قط أن أجرت مصر انتخابات في منطقة حلايب منذ بداية الحكم الدستوري فيها منذ عام 1922 وحتى احتلال حسني مبارك لها في منتصف تسعينات القرن الماضي، أما حكومة السودان فقد أجرت فيها كل الانتخابات بعد اتفاقية الحكم الذاتي في فبراير 1953
* في الإنتخابات الأولى كانت دائرة حلايب تسمى الأمرأر والبشارين، وتشمل كل ريف بورتسودان وفاز فيها محمد كرار كجر من الأمرأر، وفي الانتخابات الثانية عام 1958 أصبح للأمرأر دائرة وللبشارين دائرة وفاز بدائرة البشارين في حلايب حامد كرار شيخ خط عتباي، وفي انتخابات 1965 في الديمقراطية الثانية سميت دائرة عتباي وفاز فيها محمد عثمان الحاج تيتة، وفي انتخابات 1968 سميت الدائرة 176 حلايب وفاز بها محمد عثمان الحاج تيتة، وفي انتخابات 1986 (في الديمقراطية الثالثة) سميت أيضا الدائرة 176 حلايب وفاز بها عيسى أحمد الحاج! .
* قبل انتخابات 1958 بشهور قليلة سرت شائعات بأن رئيس الوزراء ووزير الدفاع عبد الله خليل وعد الأمريكان بقاعدة بحرية في حلايب، فاستشاط عبد الناصر غضبا واحتل حلايب إلا أنه تراجع بعد أن أتته تأكيدات بعدم صحة الخبر وإنه بمواصلة احتلاله لحلايب سيقدم خدمة مجانية لعبد الله خليل وحزبه في الانتخابات المزمع إجراؤها لأن الشارع كله سيؤيد عبد الله خليل إذا أعلن الحرب على مصر وسيكسب حزبه الانتخابات، فسحب عبد الناصر جيشه من حلايب وقال قولته المشهورة “إن الجندي المصري لن يرفع سلاحه ضد أخيه الجندي السوداني”!
* إلا أن موضوع حلايب أصبح عصاة مدفونة تخرجها أنظمة الحكم في مصر عند اللزوم، ولقد احتلها حسنى مبارك كرد فعل لتعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة دبرها النظام البائد، ثم أعلن ضمها الى مصر فيما بعد وفتحها لهجرة المصريين لتغيير التركيبة السكانية بما يشبه جرائم الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وسكت النظام البائد خوفا على نفسه، فهل نقبل بالأمر الواقع ونترك أرضنا وأهلنا قابعين تحت الاحتلال المصري؟!
محمد عثمان الخطيب،
مؤرخ
صحيفة الجريدة