الانتباهة اون لاين موقع اخباري شامل
نبض للوطن
أحمد يوسف التاي
أين الدولة؟
ما نشاهده الآن في الأسواق، وفي مواقف المواصلات يتجاوز الفوضى إلى «البلطجة»، والنهب والانتهازية بكل ضروبها وأوجهها القبيحة، واستغلال الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد حالياً والسبب الأساسي في رأيي هو الغياب التام للدولة ، ولا أقول غياب هيبة الدولة، لأن هذه الأماكن لاتوجد فيها أصلاً مظاهر دولة حتى نطمع في وجود هيبة لها…
غياب الدولة بالكامل أغرى قطاعات التجارة والصناعة والتجارالعاملين بالأسواق ليفعل كل منهم مايشاء فالشركات العاملة في مجلات الأغذية ، والسلع والخدمات بكل أنواعها الآن تفرض السعر الذي تريد وتشتهي، بمايزيد عن تكلفة الإنتاج ومقابلة المنصرفات، أما التجار في الأسواق فهؤلاء يشعلون نيران الأسعار على رأس كل دقيقة بل كل ثانية دون رقيب أو حسيب بناءً على زيادة المرتبات التي تمت لـ (7%) فقط من المواطنين …
ولمقابلة هذه الوتيرة المتصاعدة والجنوح لإشعال النيران لجأ أيضاً أصحاب المركبات في كل خطوط المواصلات إلى فرض تعرفة خرافية على كل الخطوط بنسبة 600% (يعني مثل مضاعفة أجور العاملين بالقطاع العام) ، ومثل ذلك اضطر أرباب المهن والحرفيين إلى مواكبة مايحدث من إشعال لنيران الغلاء ، حيث أصبح أي واحد منهم (يقطع من راسو ويلصق ليك)، وهؤلاء معذورون طبعاً…
هؤلاء جميعاً نحن لا نلومهم في ظل الهلع الذي أصاب النفوس التي ذهبت طمأنينيتها، لا نلومهم في ظل شعورهم بالغياب التام للدولة التي تخلت تماماً عن مسؤولياتها، فقد خلت قطاعات التجارة والصناعة والأسواق ، والمواقف ومحطات الوقود من الرقابة، فهل نلقي باللوم على هؤلاء أم على الدولة التي تركت واجباتها الرئيسة واتكأت على زيادة المرتبات لسبعة بالمائة من شعبها…
أسوأ ما يمكن أن يحس به المواطن هو شعوره بغياب الدولة، وحينها ستتلاشى عنده كل الفوارق بين عيش الشعب داخل دولته بكرامة وأمان ، والعيش داخل غابة ينتشر فيها «الثعالب»، والحملان الوديعة، والأسود والذئاب وكل الحيوانات المفترسة ، القويُّ فيها آكِل، والضعيف مأكول..فمافائدة اللافتات التي تحمل أسماء مؤسسات وأجهزة الدولة، وأخشى أن تتخلى الدولة بعد الآن عن وظيفة الدفاع والتأمين بعد أن نفضت يدها من كل شيء.
وقعت الحكومة في خطأ قاتل حينما ظنت أنها أوفت لشعبها ، وأسدت له معروفاً إذ ضاعفت أجور العاملين بالقطاع العام ، وتركت البقية فريسة لذئاب السوق وتماسيحه العشارية، مما أضطر هذه البقية في المجالات الأخرى إلى مجارات السوق، ومضاعفة دخولها بما يتساوى مع أجور العاملين بالدولة، ويبدو ذلك جلياً في قطاعات الحرفيين والمواصلات والمهن الهامشية، فهل نلومهم أم نلوم الدولة التي حفزت كل هذه القطاعت بالمعالجات الجزئية التي لجأت إليها كأسلوب دعائي تخديري لتمرير رفع الدعم عن السلع الاستراتيجية ، وليتها رفعت الدعم وكفتنا كل هذه الشرور….اللهم هذا قسمي فيما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله ، وثق أنه يراك في كل حين.
The post السودان: أحمد يوسف التاي يكتب: أين الدولة؟ appeared first on الانتباهة أون لاين.