اخبار السودانمقالات

جعفر عباس يكتب.. قصة اغتراب عجيبة

جعفر عباس يكتب : قصة اغتراب عجيبة
بعد الزواج، وحمل زوجتي بطفلنا الأول، أدركت أن شاعرنا الكبير هاشم صديق “قاصدني عديل”:
هديمك يا وليد مقدود/ وصابحت الفقر والجوع/ صبح جلد البطن مشدود … شن بتسو؟
سويت الهجرة: وجدت إعلانًا من مكتب الأمم المتحدة في الخرطوم يطلب مترجمين، فذهبت إلى المكتب وسحبت أوراق التقديم للوظيفة، ثم ذهبت إلى مكتب صديق في شارع البرلمان لتعبئة الطلب. هناك، أبلغني أن شركة أرامكو النفطية فتحت مكتبًا للتوظيف في عمارة مصطفى الشيخ الأمين، فذهبت إليه، وفوجئت بأن أرامكو تبحث عن مترجمين. جلست على الفور لاختبارين تحريريين، وبعد أسبوع جاءني إشعار بقبولي في وظيفة “أخصائي ترجمة” في أرامكو.

ذهبت إلى الظهران براتب 4820 ريالًا، وكانت أول مرة أتعامل فيها مع الآلاف في أي عملة. وبعد نحو سنتين، فلسعت من أرامكو، لأنها تحت الإدارة الأمريكية كانت لا تمنح زوجات غير الأمريكيين إقامات مع الأزواج. وسرعان ما حصلت على وظيفة مدرس لغة إنجليزية في مدرسة الكنيسة الأسقفية للبنات قرب مستشفى أم درمان.

بعد نحو شهرين من العمل، التقيت بصديقي وزميلي في مدرسة وادي سيدنا الثانوية، عثمان عوض حمور، الذي ما إن علم أنني تركت أرامكو حتى اتهمني بالغباء! وبعد أسبوع جاءني بتأشيرة زيارة إلى قطر، وكان عثمان وقتها مدير التحقيقات الجنائية هناك. وصلت الدوحة بغرض البحث عن عمل، وخلال أيام وجدت نفسي مترجمًا في مجلة الدوحة وجريدة الراية، ثم في السفارة اليابانية.

وبعد سنة بالضبط، قررت أنا وزوجتي زيارة العراق، وكان ذلك يتطلب السفر إلى دبي. قررنا أن نقضي يومين في دبي مع أخت زوجتي وأطفالها. وفي اليوم الأول لي كضيف عندهم، وجدت مقالًا في جريدة الاتحاد في أبوظبي بقلم زميلي في جامعة الخرطوم طه النعمان.

اتصلت بالجريدة، وتمكنت من التواصل معه، وما إن علم أنني في دبي، حتى طلب مني زيارته في أبوظبي. أجلنا رحلة العراق وتوجهت إلى أبوظبي، وفور استقبالي في موقف التاكسي، اصطحبني إلى مبنى الجريدة، وهناك قدمني لمجموعة سودانيين من أسرة صحيفة إمارات نيوز الإنجليزية.

بعد السلام والتحايا، ما إن عرف مدير التحرير، الأستاذ الكبير محمد عمر الخضر، أنني مترجم، حتى سألني إن كنت أرغب في العمل معهم. قلت: “هاتوا عرضكم”. فأخضعني لاختبار على الفور، وبعد نحو ساعة حمل أوراقي وخرج، ثم عاد يحمل عرض وظيفة “محرر/مترجم” محددًا الراتب. قبلت العرض، وعدت إلى دبي، واصطحبت المدام من هناك إلى الدوحة، ومنها إلى “أهلها”، ثم توجهت إلى أبوظبي حيث عملت في إمارات نيوز ثم جريدة الاتحاد.

خلال تلك الفترة، فزت بعطاء تعريب مؤسسة الاتصالات الإماراتية، واستغرقت المهمة سنتين. ثم طالعت إعلانًا بأن شركة الاتصالات القطرية تبحث عن رئيس لقسم الترجمة. جلست للاختبار مع نحو عشرين آخرين، وكان الاختبار “موية” بالنسبة لي، لأنني كنت قد صرت حاذقًا في لغة الاتصالات.

وهكذا توجهت إلى قطر بعد الفوز بالوظيفة في شركة الاتصالات، وهناك تمت ترقيتي إلى رئيس للعلاقات العامة والترجمة.

ثم وجدت إعلان وظائف محررين من تلفزيون بي بي سي في لندن، وجلست للاختبار التحريري، ثم خضعت لمقابلة شخصية (إنترفيو)، وفزت بوظيفة لديهم. فكانت الهجرة بالعائلة إلى لندن، ثم أُغلقت القناة، فعُدت إلى شركة الاتصالات القطرية. بعدها تلقيت عرضًا بأن أكون أول مدير تحرير لوكالة الإعلام الخارجي، وبقيت في المنصب سنتين، ثم تفرغت لقناة الجزيرة.

فهل تعتبرني محظوظًا أم “مبروكًا” يستحق لقب سي. دي. CD؟

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

الوليد محمد

الوليد محمد – صحفي يهتم بالشؤون المحلية والإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى