مقالات

عادل الباز يكتب.. الرئيس البرهان و”إفراغ الدائرة” (2/3)

تابعنا على واتساب

فيما أرى
عادل الباز
الرئيس البرهان و”إفراغ الدائرة” (2/3)

1
اختتمت مقالي الأول قائلًا: (الآن، تحاول ذات القوى الداخلية والخارجية – نعم، “هي ذاتها” – وبنفس الملامح، والشبه، والقدرة على التآمر، أن تلعب نفس اللعبة مع الرئيس البرهان، مستخدمة ذات النظرية)… وفي ذات المقال شرحت ما أسميته نظرية “إفراغ الدائرة”:
“إذا أفرغتَ الدائرة التي حول الرئيس من الشخصيات القوية والمؤثرة التي تملك الرأي والخبرة والصدق والولاء، فإنه سيملأ الفراغ بآخرين لا يملكون الخبرة، وذلك أول الوهن.”

ولذا كان ولا يزال هدفي من كتابة هذا المقال، وأنا أرى هذا الصراع حول المناصب، هو ضرورة التذكير بالمحافظة على وحدة القيادة ونحن في أتون هذه الحرب وإلى نهاية الفترة الانتقالية.

2
كانت الاستراتيجية والأهداف على عهد الإنقاذ هي إسقاط النظام، ولكنها الآن أصبحت المطلوب تفكيك البلاد وتقسيمها بعد أن فشلت محاولة السيطرة عليها بالحرب، ولأنه لا سبيل لإسقاط النظام والسيطرة على السودان أرضًا وموارد وموقعًا والبلاد موحدة.

ولكن كيف يتم ذلك وقد فشل مخطط الانقلاب والحرب؟ لا بد من استعادة ذلك التكتيك المجرب (إفراغ الدائرة).
إفراغ الدائرة المتماسكة حول الرئيس البرهان، التي ساندت الجيش خلال معركة الكرامة.

وسبب لجوئهم إلى تكتيك إفراغ الدائرة، أنه ليس هناك ثورة يقودها الشارع هذه المرة، ولأن الشارع تحول ضدهم والجيش كذلك، وليس هناك لجنة أمنية متآمرة تعينهم، والانقلاب في صبيحة 14 أبريل 2023 كُسِر، والحرب التي تلتها فشلت.

3
إفراغ الدائرة بدأ الآن بتكثيف الضغوط العسكرية بتصعيد الحرب، ثم تصعيد الضغوط السياسية وتكثيف التدخلات والتهديدات، وقد بدأت بإعلان اجتماع الرباعية، ومن ضمنها الإمارات، في واشنطن في أغسطس القادم، بهدف فرض تسوية ترسم الملعب بطريقة تعيد الميليشيات وأعوانها إلى الملعب السياسي والعسكري مرة أخرى!!.

وإذا أفلحت الضغوط في فرض تسوية على تلك الشاكلة، فإن ذلك أول الوهن وبداية سيناريو إفراغ الدائرة، لأنه يستحيل أن تتوافق الدوائر التي تحيط وتدعم الرئيس البرهان والجيش أن تظل متماسكة.

ما هي تلك الدوائر؟ هي ثلاث دوائر:
الأولى: الدائرة العسكرية، وتضم قيادات الجيش والمساعدين وقيادات المناطق والمتحركات والاستخبارات وجهاز المخابرات العامة والنواب والمستشارين الذين حول الرئيس.

الثانية: يمكن أن نسميها دائرة “تحالف الكرامة”، وهؤلاء طيف واسع، أهمهم الحركات المسلحة (المشتركة).

الثالثة: القوى السياسية التي اصطفت خلف الجيش ودعمته في معركة الكرامة كلها بمختلف توجهاتها.
هذه هي الدوائر الثلاث المطلوبة تفكيكها وإبعادها من حول الرئيس البرهان والجيش. كيف؟ ما هي الوسائل؟

4
في الدائرة الأولى (العسكرية والأمنية والمستشارين وجهاز المخابرات)، الإفراغ يبدأ بزرع الشكوك حول القيادات في انتماءاتهم وقدراتهم وإخلاصهم للقيادة، وربما اتهام بعضهم بالفساد، وإطلاق مختلف أنواع الشائعات حولهم.

وعادة ما تستخدم قوى الشر دخانًا إعلاميًا كثيفًا لتنفيذ الخطة، بتكرار الطرق حتى تستجيب القيادة بعد أن تهتز ثقتها فيمن حولها ، تحت ضغط رأي معادٍ يتم صناعته، يهيئ بيئة تدفع الرئيس البرهان لاتخاذ قرار بعزل أحدهم وإرساله للمعاش مبكرًا… وتبدأ الطاحونة تدور… فتطحن مجموعة من الكفاءات والقيادات الأمنية والعسكرية التي هي الآن حول الرئيس البرهان.

وبالمناسبة، هذه الطاحونة قد بدأت وكادت تطيح بقيادة مهمة، ولكن الرئيس البرهان كان واعيًا ومنتبهًا لسيناريو قوى الشر تلك، فأحبط ما كانوا يأفكون!!.

بالطبع، لا أقصد طائفة من الخونة الذين يتصلون بالعدو سرًا، ولا أولئك الثرثارين المسربين للمعلومات لجهات معلومة إعلامية وخارجية؟!!

5
الدائرة الثانية، وهي دائرة تحالف الكرامة: يبدأ التشكيك مثلًا في مواقف الحركات المسلحة (المشتركة) بأنها طامعة في السلطة ولا تبحث عن شيء سوى المقاعد، كما حدث قبل أيام.

بالطبع، الذين يروجون هذه الأباطيل كاذبون، وينسون أن عشرات الآلاف يقدمون أنفسهم في ساحات المعارك ويُستشهدون يوميًا بالمئات.

ولا يمكن أن يتصور عاقل ومنصف أن هؤلاء يقدمون أرواحهم رخيصة من أجل مناصب لا تسمن ولا تغني من جوع!!

هدف ترويج مثل تلك الأكاذيب هو خلق رأي عام ضدهم، يهيئ الساحة والقيادة لاتخاذ قرارات تنقض اتفاق جوبا.
فيُحبط المقاتلون وقيادات المشتركة، ويدركون أن مسلسل خيانة العهود والمواثيق مستمر، فيزهدون في السلطة ويتخذون موقفًا معاديًا، أو يتراجعون لموقف الحياد على الأقل.

وهنا ينسحب آلاف المقاتلين من ساحات المعارك، أو ينتقلون لخانة أخرى تمنيهم الأماني، فتهتز أهم ركائز هذا التحالف… ويتم إفراغ جزء من الدائرة.نواصل

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

الوليد محمد

الوليد محمد – صحفي يهتم بالشؤون المحلية والإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى