أطفال السودان في عين العاصفة: انخفاض تاريخي في التطعيمات يُنذر بكارثة صحية
تدهور غير مسبوق في التغطية اللقاحية منذ أربعة عقود.. ودارفور تواجه مستويات حرجة من سوء التغذية
الخرطوم ـ الراي السوداني
في تحذير مشترك يعكس عمق الأزمة الصحية المتفاقمة في السودان، أعلنت كل من منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسف) ومنظمة الصحة العالمية، الثلاثاء، أن معدلات التطعيم الأساسية للأطفال في السودان انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ أربعين عامًا، ما يعرّض حياة ملايين الأطفال لخطر داهم من أمراض مميتة يمكن الوقاية منها.
وقالت المنظمتان في بيان مشترك إن النزاع المسلّح المستمر في البلاد أدى إلى تدمير البنية التحتية الصحية وشبكات المياه، ما حرم ملايين السودانيين من الوصول إلى الخدمات الأساسية، وساهم في تفشي أوبئة مثل الكوليرا وشلل الأطفال والحصبة.
وكشف البيان عن أن ما لا يقل عن 880 ألف رضيع — أي أكثر من نصف الأطفال دون سنّ العام الواحد — لم يتلقوا الجرعة الأولى من لقاح الخناق والكزاز والسعال الديكي (DTP1) خلال العام الماضي، وهو ما يُصنّفهم ضمن فئة “الأطفال بدون جرعة” المعرضين لأعلى درجات الخطر.
وتُظهر البيانات أن السودان بات يسجل الآن أدنى تغطية بلقاح (DTP1) على مستوى العالم، بانخفاض حاد من 94% عام 2022 إلى 48% فقط في عام 2024، وهو أسوأ مستوى منذ عام 1987.
وحذّر البيان من أن هذا الانهيار الخطير في النظام التحصيني تسبب في انتشار أوبئة فتاكة، وقال: “لقد كلّفت هذه الأمراض مئات الأطفال حياتهم، وكان من الممكن تفاديها بلقاحات متوفرة”.
وفي محاولة للحد من التدهور، وزعت يونيسف خلال النصف الأول من 2025 أكثر من 16 مليون جرعة من 11 نوعًا من اللقاحات، استهدفت تطعيم نحو 630 ألف طفل دون سنّ العام. وقد تم تسليم أكثر من 3.5 مليون جرعة منها إلى إقليم دارفور، حيث استفاد منها 250 ألف طفل.
لكن دارفور ما تزال تعيش أزمة إنسانية خانقة، إذ تخضع معظم مناطقها لسيطرة قوات الدعم السريع، وسط تدهور حاد في الخدمات الصحية والتغذوية. ووفقًا لبيانات رسمية نُشرت في 12 يوليو، ارتفعت نسبة الأطفال الذين يتلقون علاجًا من سوء التغذية الحاد الوخيم إلى 46%، فيما تجاوزت مستويات سوء التغذية الحاد الحدّ الحرج المحدد من قبل منظمة الصحة العالمية في 9 من أصل 13 محلية بالإقليم.
وحذّرت المنظمتان من أن السودان على شفا كارثة صحية وإنسانية ما لم تُتّخذ إجراءات عاجلة لإعادة النظام الصحي والخدمات التحصينية إلى مسارها، وإنقاذ حياة الملايين من الأطفال المعرضين لخطر الموت أو الإعاقة.