مقالات

ما أقبح الاختيارات!

تابعنا على واتساب

ما أقبح الاختيارات!
الفاضل عباس محمد علي

لم أستبشر خيرًا باختيار كامل إدريس لرئاسة الحكومة، حيث إنه مجرد “حمدوك” آخر: بعدٌ عن المشهد، وسطحية، وشُحّ في التجربة، وانعدامٌ لتاريخ نضالي. ولكن الأخ عثمان ميرغني أقنعني به قائلاً: دعنا نتجاوز الصغائر ونركّز على الخروج من النفق.
لكن تردد الرجل لمدة شهرين في حسم الاختيارات، ثم رضوخه الكامل في نهاية الأمر للمحاصصة، وانبطاحه أمام لوبي “أولاد الغرب”، والإتيان بـ”تُعلُّمجيّة” أيفاع، عواطلية، لا لون لهم ولا طعم، هو تلاعب بمصير البلد.

لقد انسلخت عامان من عمري وأنا أُكره نفسي على مساندة البرهان ورهطه، فقط لأني كنت أخشى انتصار الجنجويد عليهم وعلينا، وشرعنة ما فعلوه بشعبنا وحرائرنا.

ولقد عجبت لأمري: كيف يقف جلّ أصدقائي ورفاق النضال على الجانب الآخر، وأنا لا أتساءل: أليس ثمة شيء متعفّن في دولة الدنمارك؟
Something is rotten in the State of Denmark، كما قال هاملت؟

نظام يصرّ على الإبقاء على جبريل، الكوز الفاسد الذي أشاع المحسوبية (nepotism) والثراء الحرام، ومكّن إخوانه وبني عمّه أمثال عشَر، لا بدّ أنه نظام متآمر، أو ممعن في الجهل والتغافل، والحرص على البقاء في السلطة irrespective. Come what may!

ومع ذلك صبرنا عليه – أي النظام – حتى لا ننكأ الجراح، ولا ننبش المناوشات الجانبية، ومعركة الكرامة في أوجها. فقد كنا مع الجيش قلبًا وقالبًا، حتى تم تحرير البطانة، والجزيرة، والعاصمة المثلثة.
ولما وصل الجيش إلى كردفان ودارفور، جاءت الجرجرة والمطاولات، وما كنا ندرك السرّ وراءها؛ فإذا بهذه التعيينات تكشف أن قادة القوات الدارفورية الزاحفة مع الجيش نحو الغرب ظلّوا في الفترة الأخيرة يساومون ويبتزّون ويُحاصِصون، وهم غافلون تمامًا عن المعركة التي بلغت حواضنهم.

إنني أُدين بشدة التعيينات الأخيرة، وأدين إلغاء وزارة الري (لمصلحة اللوبي المصري)، وأدين من تمّ تعيينه لوزارة الصحة، والتي كنت أظنهم سيعيدون لها د. أكرم، الذي أقصته رأسمالية الدواء والمستشفيات الخاصة، المتآمرة مع طرف من “القحاتة”.

ويبدو أن القَدَر (بكسر القاف) قد أتى بما في قعره، ويبدو أننا أمام رئيس وزراء عبارة عن tabula rasa يُكتب عليه ما يريد الآخرون.
وهؤلاء “الآخرون” هم الذين سيقودون بلادنا إلى التشظي والفناء.

إنني أناشد البرهان وكباشي والعطا بأن يحزموا أمرهم، ويكربوا قاشاتهم، ويركزوا على تصفية الجنجويد حتى آخر فرد. وفي هذا الأثناء، يبتعدوا عن كل هؤلاء السماسرة واللصوص الذين تجمعوا في بورتسودان، كأنهم ضباع حول جيفة.

المجد لشعبنا.
عاشت ثورة ديسمبر المجيدة.
والسلام.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى