ماذا تريد الإمارات من السودان؟ تفاصيل لا تُصدق
متابعات - الراي السوداني
متابعات – الراي السوداني – كثر الحديث في الأوساط السودانية عن الأهداف الحقيقية التي تسعى وراءها الإمارات في السودان، ولم تعد هذه الأهداف خفية أو مغطاة بعبارات دبلوماسية ناعمة. فالمطالب الإماراتية أصبحت واضحة، مباشرة، وتكشف عن نوايا استراتيجية تتجاوز المجاملة السياسية أو الحسابات التقليدية.
أولى هذه المطالب تتعلق بملف الحدود في منطقة الفشقة، حيث تمارس الإمارات ضغوطًا حثيثة لتجميد الموقف السوداني وتسهيل التوافق مع إثيوبيا، في تناغم مع مصالحها الإقليمية وتحالفاتها، حتى وإن كان ذلك على حساب تضحيات السودانيين ومطالبهم التاريخية. هذا التحرك يُقرأ باعتباره انحيازًا صريحًا لحليفها الإثيوبي، بعيدًا عن المصلحة الوطنية السودانية.
المطلب الثاني يتمثل في مشروع ميناء “أبو عمامة” على ساحل البحر الأحمر، والذي تعتبره الإمارات أولوية قصوى، ليس فقط كمشروع تنموي بل كبوابة استراتيجية تمكّنها من تقليل الاعتماد على الممرات التقليدية في الخليج، وتأمين مصالحها بعيدًا عن أعين القوى الكبرى. الإمارات مستعدة للمضي في هذا المشروع عبر أدوات الضغط السياسي أو حتى العسكري، مهما كانت التكلفة.
في السياق الأمني والعسكري، يظهر دعم الإمارات لقوات الدعم السريع وزعيمها محمد حمدان دقلو (حميدتي) ليس بدافع الولاء الشخصي، بل وفق حسابات ميدانية بحتة. فهذه القوات تشكل ورقة ضغط فعّالة يمكن استخدامها لموازنة نفوذ الجيش السوداني، الذي تنظر إليه أبوظبي بعين الريبة، معتبرة أنه أقرب إلى محاور سياسية لا تتوافق مع أجندتها الإقليمية.
أما على المستوى السياسي، فتسعى الإمارات لإقصاء التيار الإسلامي من المشهد السوداني، ليس بسبب خطر داخلي فعلي، بل تنفيذًا لسياسات إقليمية تتبناها منذ سنوات. وقد دعمت لهذا الهدف قوى مدنية ويسارية، لكن هذه المحاولات لم تنتج حتى الآن بديلًا مستقرًا أو مقبولًا. أمام هذا الفشل، بدأت الإمارات تراهن على أدوات أكثر صلابة: القوة المسلحة، النفوذ الاقتصادي، واستدامة الصراع كوسيلة لإعادة تشكيل موازين القوى.
كل ما يجري لا يمكن وصفه بالتحليلات الرمادية أو التخمينات، بل هو واقع ظاهر يستند إلى وقائع وتحركات موثقة. الإمارات لا تتصرف كدولة مستقلة في الملف السوداني، بل كمجرد أداة في مشروع إقليمي أوسع، تسعى من خلاله إلى تنفيذ أجندات ليست بالضرورة نابعة من مصالحها الذاتية.
أمام هذا الوضع، لم يعد مقبولًا أن تتعامل الدولة السودانية، وعلى رأسها القوات المسلحة، مع الملف الإماراتي بأدوات دبلوماسية تقليدية. المرحلة تتطلب تحركات استراتيجية وتحالفات دولية توازي حجم التحديات. وفي هذا السياق، تُعد الصين شريكًا طبيعيًا وضروريًا، إذ تقدم تعاونًا اقتصاديًا وعسكريًا دون شروط سياسية أو تدخل في الشأن الداخلي، وتمنح السودان فرصة حقيقية لبناء شراكة تمتد من مشاريع البنية التحتية إلى التصنيع الدفاعي.
المرحلة دقيقة، والحرب لا تسمح بالتردد، ومن لا يمتلك القوة لن يجد لنفسه مكانًا في خرائط النفوذ العالمية.