سد النهضة بين التطمين الفني والتعقيد السياسي.. هل زال الخطر فعلاً؟
وسط الجدل المستمر حول سد النهضة، خبراء يطمئنون بشأن السلامة الفنية، ومصر تؤكد أن القضية لا تزال حية رغم تعثر المفاوضات
متابعات – الراي السوداني
لا يزال سد النهضة يُثير الجدل والقلق في الأوساط الإقليمية، لا سيما بعد تداول أنباء عن عيوب فنية محتملة وتأخّر إثيوبيا في فتح بوابات المفيض، وسط تساؤلات متزايدة حول سلامة السد وتداعياته على دولتي المصب، مصر والسودان.
الحديث عن وجود خلل فني في سد النهضة وضعف في تشغيل التوربينات، بالإضافة إلى غياب شبكة كهرباء جاهزة، دفع البعض للاعتقاد بوجود أزمة غير معلنة.
ومع ذلك، نفى الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، وجود أي بيانات رسمية أو علمية تؤكد وجود خلل في جسم سد النهضة، مشيرًا إلى أن موسم الأمطار في إثيوبيا لم يبدأ بعد، ويُتوقع أن تبدأ التدفقات مع شهر يونيو وتصل ذروتها في يوليو وأغسطس.
نور الدين أوضح أن إثيوبيا أنهت الملء الخامس لـ سد النهضة وبلغ حجم التخزين 72 مليار متر مكعب حتى ديسمبر الماضي، ولم يتبقَ سوى 2.5 مليار متر مكعب لبلوغ السعة الكاملة المقدرة بـ74.5 مليار.
وباحتساب فاقد التبخر والرشح، فإن الملء السادس قد لا يتجاوز 8 مليارات متر مكعب، وهي كمية اعتبرها غير مؤثرة بشكل كبير على مصر والسودان.
رغم ذلك، تبقى المخاوف الحقيقية مرتبطة بما قد تسببه سنوات الجفاف من نقص حاد في حصة المياه، خاصة إذا استمرت إثيوبيا في التركيز على ملء سد النهضة بدلاً من تمرير المياه لدولتي المصب.
ويُطالب الخبراء بأن تكتفي أديس أبابا بإنتاج 80% من الكهرباء المخططة خلال تلك السنوات لضمان التوازن المائي.
وعلى المستوى السياسي، لم تُثمر المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا عن أي تقدم.
فقد انتهى الاجتماع الرابع ضمن مسار المفاوضات الذي انطلق نهاية 2023 دون نتائج، فيما أكدت القاهرة أن فشل المحادثات يعود إلى رفض إثيوبيا المستمر لأي حلول وسط تُراعي مصالح الجميع.
وأكد مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون السودان، ياسر سرور، أن ملف سد النهضة ما يزال نشطًا على الساحة الدولية، وأن مصر مستمرة في شرحه فنيًا وسياسيًا، باعتباره قضية وجود لا يمكن التهاون فيها.
وهكذا، تبقى الأزمة في حالة غموض. فبين من يطمئن إلى أن الخطر الفني لـسد النهضة قد انتهى، ومن يرى أن الأزمة الحقيقية ما زالت قائمة سياسيًا ومائيًا، يظل مستقبل الأمن المائي لمصر والسودان معلقًا على تحولات قادمة لم تتضح بعد.