ياخبر.. مطار بورتسودان يشهد هبوط طائرة إماراتية
متابعات - الراي السوداني
متابعات – الراي السوداني – كشف القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي محمد ضياء الدين، في مقال بعنوان “المواجهة القانونية مع الإمارات وأصابع الاتهام”، عن استقبال مطار بورتسودان لطائرة شحن إماراتية ضخمة محملة بمساعدات طبية، وذلك قبل أيام فقط من انعقاد الجلسة الأولى لمحكمة العدل الدولية في العاشر من أبريل 2025، في وقت رفعت فيه حكومة الأمر الواقع في بورتسودان دعوى قضائية ضد دولة الإمارات، متهمةً إياها بدعم قوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب جرائم جسيمة ضد المدنيين في دارفور.
واعتبر ضياء الدين أن هذه الخطوة تشكل تطوراً نوعياً في أدوات المواجهة، حيث انتقلت حكومة بورتسودان من ساحات القتال إلى المسارات القانونية والدبلوماسية، بعد أكثر من عامين من الحرب دون حسم عسكري.
ورغم أن هذه الخطوة تحمل طابعاً رمزياً يهدف إلى تعزيز الموقف السياسي الخارجي، إلا أنها تواجه تحديات جوهرية، في مقدمتها ضعف آليات تنفيذ أحكام محكمة العدل الدولية، والتي تعتمد على مجلس الأمن في تطبيق قراراتها، حيث تتداخل الاعتبارات القانونية مع حسابات النفوذ الدولي وحق النقض الذي يملكه الأعضاء الدائمون.
يُضاف إلى ذلك أن الدعوى تمر بمراحل إجرائية معقدة، تشمل طلب تدابير مؤقتة، ثم البت في اختصاص المحكمة، قبل الدخول في صلب الموضوع، مما يجعل العملية القضائية طويلة الأمد، وتطرح تساؤلات حول ما إذا كانت الغاية تحقيق العدالة فعلاً، أم استثمار الوقت في رهان دبلوماسي لتعزيز شرعية حكومة بورتسودان على الساحة الدولية.
ويعزز هذا الانطباع اعتماد الدعوى على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، في مقابل دفع قانوني إماراتي يستند إلى تحفظات قديمة على بعض بنود الاتفاقية، ما يزيد من تعقيد المسار القضائي.
كما أن موقف حكومة بورتسودان نفسه يطرح إشكالية تتعلق بالمصداقية، إذ ترفض التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وتنتقي الملفات القانونية التي تتعامل معها وفقاً لمصالحها الآنية، وهو ما يثير شكوكاً حول جدية التزامها بمبادئ العدالة الدولية.
ورغم التصعيد القانوني والسياسي، إلا أن العلاقات بين الطرفين ما زالت قائمة على مختلف المستويات، بما في ذلك التعاون الأمني والدبلوماسي والتجاري، وهو ما يتجلى في استمرار استقبال المساعدات الإماراتية. ويبرز هنا التناقض الأكثر إثارة للتساؤل: كيف يمكن توجيه اتهامات بدعم جرائم حرب، وفي الوقت نفسه الحفاظ على علاقات نشطة وتبادل منفعة مع الجهة ذاتها؟ هذا التناقض يضع المساعدات في سياق يتجاوز بعدها الإنساني، ويثير الشكوك حول استخدامها كورقة سياسية ضمن توازنات إقليمية معقدة.
تشير المؤشرات إلى أن الهدف من هذه الدعوى لا يتمثل في إنهاء الحرب، بل في تثبيت حضور حكومة بورتسودان على المستوى الدولي، وتوظيف المنصات القانونية كأدوات ضغط وتفاوض في معركة تتقاطع فيها الجغرافيا مع السياسة، ضمن صراع لم تتضح نهاياته بعد.