اخبار السودانمقالات

الفرق بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.. وجدوى شكوى السودان ضد الإمارات في ظل النظام العالمي (المعطوب)

تابعنا على واتساب

 

محمد الفاتح اسماعيل – أبريل 2025م

تبدأ اليوم الخميس 10 أبريل 2025م بقصر السلام في لاهاي مقر محكمة العدل الدولية جلسات الاستماع العلنية للنظر في الدعوى المقدمة من جمهورية السودان ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث قدم السودان في 6 مارس 2025م دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة متهماً إياها بالتواطؤ في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد المساليت في ولاية غرب دارفور، حيث تستند الدعوى على أدلة موثقة قدمتها جمهورية السودان تثبت تقديم الإمارات دعماً مالياً وعسكرياً وسياسياً مكثفاً لقوات الدعم السريع.

 

 

 

تُعد كل من محكمة العدل الدولية (ICJ) والمحكمة الجنائية الدولية (ICC) من أهم المؤسسات القضائية على الساحة الدولية، لكن كثيرًا ما يحدث خلط بينهما خصوصاً لتردد اسم المحكمة الجنائية الدولية سابقاً في السياق السوداني إبان حكم الرئيس البشير، وفيما يلي أوجه الشبه والاختلاف بينهما.

 

أولاً: محكمة العدل الدولية (ICJ)

تأسست محكمة العدل الدولية في عام 1945، وهي الذراع القضائية الرئيسية للأمم المتحدة، ومقرها في مدينة لاهاي بهولندا. تختص هذه المحكمة بحل النزاعات القانونية بين الدول فقط، ولا تنظر في القضايا التي تتعلق بالأفراد.

 

 

 

تعمل المحكمة على الفصل في قضايا تتعلق بالحدود بين الدول، الخلافات حول المعاهدات، استخدام القوة، السيادة، أو قضايا بيئية دولية. تشترط المحكمة موافقة الدول المتنازعة على اختصاصها لتتمكن من النظر في النزاع. وتصدر أحكامًا قانونية ملزمة للأطراف التي قبلت اختصاصها، ولكن لا تمتلك سلطة تنفيذ قسرية، بل تعتمد على مجلس الأمن الدولي في تنفيذ أحكامها إن لزم الأمر.

 

 

ثانيًا: المحكمة الجنائية الدولية (ICC)

من جهة أخرى، تأسست المحكمة الجنائية الدولية في عام 2002 بموجب نظام روما الأساسي، وهي محكمة دائمة مستقلة عن الأمم المتحدة، وإن كانت تتعاون معها. يقع مقرها أيضًا في لاهاي، ولكنها تختلف في طبيعة اختصاصها، حيث تنظر في محاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب الجرائم الدولية مثل الإبادة الجماعية، الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب.

 

 

تستهدف المحكمة المسؤولية الجنائية الفردية، أي أنها تحاكم الرؤساء والقادة العسكريين والمسؤولين الذين يُشتبه في ارتكابهم جرائم جسيمة تمس حقوق الإنسان، بغض النظر عن مناصبهم.

 

 

أوجه الاختلاف الأساسية :

الفرق الجوهري بين المحكمتين يكمن في أن محكمة العدل الدولية تعالج قضايا بين الدول وتفصل في نزاعات قانونية دولية، في حين أن المحكمة الجنائية الدولية تختص بمحاكمة الأفراد على خلفية جرائم دولية جسيمة.

 

 

كما أن العضوية في محكمة العدل الدولية تشمل جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بينما المحكمة الجنائية الدولية تُعد عضويتها اختيارية، ولا تعترف بها بعض الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا.

 

 

الانتقادات الموجهة لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية:

ازدادت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة الانتقادات الموجهة لمحكمة العدل الدولية (ICJ) والمحكمة الجنائية الدولية (ICC)، خاصة في ما يتعلق بتعاملهما مع القضية الفلسطينية والحرب في أوكرانيا. هذه الانتقادات تأتي من دول، منظمات حقوقية، ونشطاء، ويتراوح مضمونها بين الاتهام بالكيل بمكيالين، وازدواجية المعايير، والتسييس حيث تتهم المحكمة الجنائية الدولية (ICC) بالتباطؤ في الإجراءات فيما يخص القضية الفلسطينية فبالرغم من إحالة الملف للمحكمة منذ العام 2015م، فإن التقدم كان بطيئاً جداً، ولم تُصدر ICC حتى الآن مذكرات توقيف لمسؤولين إسرائيليين بينما أصدرت المحكمة مذكرة توقيف بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس 2023 بعد عام واحد فقط من اندلاع الحرب، بسبب تهجير أطفال أوكرانيين إلى روسيا.

 

 

 

وبالنسبة لمحكمة العدل الدولية (ICJ) وفي القضية الفلسطينية أيضاً أصدرت المحكمة رأياً استشارياً غير ملزم في العام 2004، قالت فيه إن بناء الجدار الإسرائيلي غير قانوني، لكن لم يتم تنفيذ أي إجراء عملي لاحق.

 

 

وفي نهاية العام 2024م تقدمت جنوب أفريقيا بدعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية. ورغم قبول النظر فيها، فإن قرار المحكمة المؤقت لم يتضمن إدانة صريحة لإسرائيل، مما أثار جدلاً كبيراً.

 

 

بينما أصدرت المحكمة قرارات مؤقتة لصالح أوكرانيا بسرعة، تطالب روسيا بوقف العمليات العسكرية، وهو يعتبر دليلاً على انحيازها السياسي.

 

 

 

 

فيما يلي المحكمة الجنائية الدولية في السياق السوداني فإن السودان غير موقع على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية (ICC) ولديه صراع طويل معها إبان حكم الإنقاذ وبالرغم من محاولة جماعة (قحت) التزلّف لها إلا إن حقبتهم انتهت دون انضمام السودان لميثاق روما، أما محكمة العدل الدولية وبحكم أن السودان عضو في الأمم المتحدة فتعتبر جهة اختصاص للفصل في النزاع محل الدعوى، وبالرغم من موضوعية الدعوى المقدمة من الحكومة السودانية لكن للأسباب المذكورة أعلاه وللتاريخ الطويل الحافل بالإنحياز لهذه المؤسسات (الكرتونية) أنا أظن أن شكوى السودان ضد الإمارات في محكمة العدل الدولية ربما ستخضع لذات سياسات الكيل بمكيالين التي ظلت تنتهجها المحكمة حيال القضية الفلسطينية وذلك لما تتمتع به الدولة المتهمة من نفوذ كبير في أروقة مؤسسات مجلس الأمن المعطوب.

 

 

 

 

وحتى إذا فرضنا أن المحكمة تحلت بقدر من النزاهة وأصدرت قرار في صالح السودان فإن آلية إنفاذه الوحيدة هي مجلس الأمن والذي فشل لسنوات في إنصاف الشعب السوداني الذي يتعرض لأكبر مؤامرة في تاريخه، كما فشل من قبل في إنصاف جميع الشعوب المستضعفة.

 

 

 

 

لكن بغض النظر عن النتائج المتوقعة من هذه الدعوى إلا أنها تمثل إدانة سياسية وأخلاقية لدولة الإمارات وسيكون لها ما بعدها فيما يتصل بتصعيد العمل الدبلوماسي والقانوني والشعبي لانتزاع حق الشعب السوداني مستقبلاً وينبغي أن تشمل لائحة الإتهام جميع الدولة المتورطة والمشاركة في العدوان ضد السودان.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى